السعادة الزوجية
كيف اثق في زوجي
الثقة هي علاقة اعتماد بين شخصين، ولها قيمة أخلاقية عالية؛ وهي رمزٌ من رموز الوفاء بالإلتزامات بين الناس. الثقة علاقة ترابطية، أي أنها تكون بين شخصين أو طرفين، يكون أحد أطراف هذه العلاقة هو المؤتمن؛ والذي يُفترضُ فيه أن يُحافِظ على هذه الثقة، والطرف الثاني وهو المؤمِّن، أي الذي وهبَ الثقة إلى الطرف الأول؛ ويتوقَّع منه المحافظة عليها. والثقة هي توقُّع النوايا الحسنة من أحد الطرفين في الآخر، أي أنها ليست حِكراً على الأشخاص الجيدين، بل إن أصحاب الإسباقيَّات وأفراد العصابات يتمتَّعون بهذه الميزة، فهم يثقون ببعضهم؛ حتى إن من يخون هذه الثقة سواء بأن يشي بزُملائه أو يخرج من عُصبتِهم يكون له جزاءاً عسيراً. إن أعظم أمور الثقة على الإطلاق؛ هي الثقة بين الزوجين في العلاقة الزوجية، فثقة الزوج بزوجته والزوجة بزوجها؛ هي أساسٌ لاستدامة هذه الحياة بينهما، فالثقة هي عكس الشك، وكما قالوا قديماً “إذ دخل الشك من الباب؛ هرب الحبُّ من الشبَّاك”. والثقة بين الزوجين تكون موجودة منذ اليوم لارتباطهما معاً، حيث أنه من المسلَّمات لبناء هذه العلاقة منذ بداياتها، فمن لا يثق بالطرف الآخر لن يتمكَّن من الإرتباط به. غالباً ما يكون اهتزاز الثقة من الزوجة بزوجها، فالمرأة تعتمدُ كثيراً على حاستها الأنثوية؛ لدرجة أنه تنتفي معها كل الشواهد والدلائل العقلانية إن لم تتطابق مع إحساسها. أسباب عدم الثقة المرأة التي بدأت تفقد ثِقتها بزوجها؛ هي إما امرأة رأت علامات أوحت لها بأن زوجها غير جديرٍ بثقتها؛ أو هي متوهِّمة لذلك الأمر نظراً لمرضٍ نفسيٍّ معين أصابها مثل الغيرة المرضِية الشديدة، وهي حالة مرضِية من الغيرة الزائدة عن حدها، حيث تجعل المرأة كالنمر الجريح في أي أمرٍ يتعلَّقُ بزوجها، فهي تراهُ مشروع خيانة؛ ومن واجبها منعه من تنفيذِ مخططه الإجرامي، فتبدأ معها الأمور بالوصول إلى مرحلة المُغالاة والهجوم على الزوج والإتهامات الغير مبرَّرة؛ تستعد للقِتال في كل مرة يخرجون سوية مع أي أُنثى تمُرُّ بجانبه، تستقبله بوابلٍ من الأسئلة فور عودته من عمله أو من مشوار مع أصدقائه، بل وقد يصِل بها الأمر إلى أن تغار حتى من محارمه مثل أمه وشقيقاته. في الحالة الأولى تكون المرأة أكثر عقلانية؛ مع عدم إنكار اعتمادها على عاطِفتها كحكمٍ في هذه المسألة، فهي ترى أموراً من زوجها تدفعُها إلى الشك فيه، كأن يكون غيَّر نظام ملبسه أو مأكله، اختلفت مواعيد عودته من العمل، بدأ في تلقِّي اتصالات بأوقات لم تكن معتادة عليها من قبل، اهتمامه الزائد بنفسه أو اهتمامه المُفاجيء بأحد، سواء من أصدقائه أو من أقاربه؛ وغيرها من الأمور التي قد تدفع المرأة إلى عدم الثقة بزوجها. حل مشكلة عدم الثقة الحالة المرضِية ليست للنقاش؛ فهي تحتاجُ إلى عِلاجٍ نفسي حتى تستمرَّ حياتها مع زوجها؛ وإلا فإن الطلاق هو مصيرها حتى يستريح الرجل ويهنأ له باله. أما الحالة الأخرى؛ فهي تستدعي الكثير من الإحتمالات والتساؤلات، ولكن نقول للمراة أن تُحسِن الظن بزوجها، يمكنها أن تسأله عن أسباب شكِّها ولكن بطريقة لبِقة، يمكن أن تنظر إلى نفسها، فإن كانت قد أهملت نفسها في الفترة الأخيرة نظراً لمتاعبِ البيت وهموم الطفال؛ فيجب عليها أن تبدأ في الإعتناء بنفسها أكثر؛ لتكون له كما يريد. على المرأة أن تبدأ أولاً بنفسها وتُحسِّن من نفسها؛ ثم تنظر لحال الرجل، فإن اختلف الأمر بين تلك الفترة والآن؛ فالموضوع كان أمراً كاد أن يخرج عن السيطرة، وعاد زمام الأمور بين يديها. ولكن إن كانت الأمور على حالها ولم يتغيَّر شيئاً؛ فهي إما متوهِّمة بهذا الشك؛ ويجب عليها مُصارحة زوجها في هذه الحالة لتقفَ على حقيقة الأمر؛ أو قد يكون – لا سمح الله – الأمر على ما تتصوَّر؛ فيمكنها أن تقوم بخطوةٍ استباقية للمحافظة على زوجها بيتها. إن حصول زوجك على ثِقتك هو نتيجة إعطائه إياها، فالثقة لا تُطلب ولكن تُكتسب، وكذلك تكون ردة فعلٍ من الطرف الآخر الذي يشعر بأنه يحوز على ثقة زوجته؛ فيعمل المستحيل ليكون على مقدار هذه الثقة. ومن الحالات الأخرى؛ الحالة التي تعرف فيها الزوجة ان زوجها يخونها، سواء رأته او أمسكت به بالجُرم المشهود، وهذه حالة خطيرة جداً، فهي كالمرضِ العُضال الذي قد لا يحيا الإنسان من بعده. نصائح إذا لاحظتِ ابتعاد زوجكِ عنكِ في فترةٍ من الفترات؛ قومي بمراجعة نفسك أكثر من مرة، فقد يكون السبب هو كلمة قلتيها أو تصرُّفٌ قمتِ به ولم يعجبه، وقد يكون هذا الأمر عبارة عن شيءٍ نهاكِ عنه زوجكِ فلم تنتهي؛ فآثَرَ إشعارك بذلك بدلاً من مجادلتكِ في موضوع بالنسبة له قد انتهى. لا تُلقِ اللوم كله على الرجل، فمن أكبر الإحتمالات ألا يكون الموضوع أكثر من مجرَّد خيالات أثارتها غيرتك الكبيرة عليه؛ وهذا دليل حبك الكبير له، فالغيرة دليل حب، ولكن لا تدعي هذه الغيرة تعميكِ عن رؤية الأمور بوضوح؛ فتتحول الغيرة من دليل حب إلى دليل شك، وبنفس الغيرة التي تعشقينها لتكون زينة حياتك الزوجية مع زوجك؛ ستكون في حالة أطلقتِ لها العنان؛ هي الفأس الذي قد يقتلع هذا الحب من جذورِ قلبه. ازرعي حتى لو لم تجدي محصولاً، فالخير سيَنبُتُ مهما طال الزمن، ولو كان زوجكِ شديد العناد ورأسه مثل الصُوَّان؛ فإن رقة وحنان وأنوثة زوجته ستجعله يلين لكِ، ولكن افهمي، فهذا اللين ليس بالمعنى الذي تظُنِّيه؛ فالرجل مهما لانَ لزوجته فإنه قوي بطبيعته وخشنٌ في تعامله، قلة خشونته دليل ليونته الجديدة؛ فاحسِني استغلالها لتتقربي منه وتملئي كل جوانب حياته، ولا تطمعي فيه؛ لأن الرجل إن أحبَّ أعطى وأكثر مما قد تتمنين. الثقة هي الأساس، وانعدامها أو اهتزازها تأتي كأمرٍ شاذ عن القاعدة، وهي لا تأتي لوحدها، بل يكون لها مُقدِّمات أو علامات تدُلُّ على أن هذه الثقة ليست في محلِّها. لا تنسي حاستك ولا تتجاهليها، ولكن حكِّمي عقلك قبل كل شيء، فأنتِ إن لم تري منه شيئاً جدِيَّاً يدعوك إلى الشك فيه؛ فربما يكون الأمر عارضاً، وإن كان غير عارض؛ فهي إشارة لكِ لتُصلِحي الخطأ الذي يراه فيه زوجكِ؛ وأوصله إلى هذه الحالة. وما دام أن الحالة لم تصل إلى مرحلة الإمساكِ به متلبِّساً؛ وأنها لا تزيد عن كونها مجرَّد شكوك، فيجب وضع حدٍ لهذا الأمر فور شعوركِ به، وأفضل طريقة لتثِقي بزوجك؛ هي أن تخبريه كم يعني لك وأنك لا تستطيعين العيش بدونه، فالرجل كائنٌ دِفاعي، ولن يتركك تواجهين الأهوال وهو يستطيع حمايتك. تحدَّثي معه عن كل ما يُثير حفيظتك، وستجدين أنه في الوضع الطيعي؛ أن كل مخاوفك وظنونك هي محض خيال؛ ولا تمُتُّ للواقع بِصلة، بل هي اختلافات طبيعية؛ او مجرَّد حالة يمُرُّ بها زوجك ويحتاج أن تكوني بجانبه؛ ولكنه لا يستطيع أن يطلب منك هذا، فبدلاً من جمع ترسانتك من الأسلحة الفتَّاكة والإستعداد لخوض حرب ضروس؛ كوني له الأنثى التي يريد، والزوجة التي يهنأ باله عند وضع رأسه على صدرها الحنون.