صحة الاسرة

تعريف الأسرة

الأُسرة لغةً تُعرَّف الأسرة في اللغة على ثلاثة أوجه، فكلمة الأُسرة تعني أهل الرّجل وعشيرته، وهي هُنا تدل على أفراد الأسرة، كما تُعرَّف بأنها الدِّرع الحصينة، ومفهوم الأُسْرة يُطلق على الجماعة التي يربطها أَمْر مُشْترَك إذ توجد روابط تجمع أفراد الأسرة الواحدة، أما جمعها فهو أُسَر.[١] الأُسرة اصطلاحاً تُعرَّف الأسرة (بالإنجليزيّة: Family) على أنّها رابطة اجتماعيّة تجمع بين شخصين أو أكثر بروابط القرابة، أو الزواج، أو التبنّي،[٢][٣] وهي تبدأ بالزواج ثمَّ إنجاب الأطفال أو تبنّيهم، وفيها يهتم الأبوان برعاية أطفالهما وتوفير حاجاتهم المختلفة.[٣] الأسرة من منظور سيكولوجيّ تُعرَّف الأسرة سيكولوجياً بأنّها علاقة بين رجلٍ وامرأة تبدأ بالزواج وإقامة علاقة جنسيّة بينهما، والتي يترتَّب عليها حقوق وواجبات لكلّ منهما على الآخر، وواجبات نحو أطفالهما كتنشئتهم تنشئة صحيحة وتوفير احتياجاتهم الماديّة والمعنويّة في جوّ يسوده الحبّ والمودَّة والرحمة والهدوء.[٤] الأسرة من منظور وظيفيّ يختلف معنى الأسرة من منظور وظيفيّ عن المعنى التقليدي لها، فهي هنا تعرّف على أنّها تضم الأب والأم والأبناء، إذ يُركّز تعريف الأسرة وظيفيّاً على الوظائف التي تقوم بها، مع وجود مُعيل للأطفال، كما أنّ التعريف يشمل عدداً من المعايير التي ينبغي توافرها في الأسرة لينطبق عليها هذا المفهوم، وبالتالي فإنّ أي أسرة لا تجمع هذه المعايير كاملةً لا يُمكن اعتبارها أسرة بناءً على معناها من منظور وظيفي، وهذه المعايير هي:[٥] المشاركة في الموارد الماديّة جميعها. الرعاية الأُسريّة والعاطفيّة. الالتزام العائلي وتحديد هويّة الأفراد الملتزمين للأسرة بشكلٍ قانوني. رعاية الأطفال والاهتمام بهم إلى أن يكبروا ويصبحوا قادرين على التفاعل في المجتمع. الأسرة من منظور بعض العلماء لا يوجد تعريف محدد ودقيق للأسرة إذ يختلف مفهومها تبعاً لتغيُّر وظائفها وأدوارها، لذا فيما يلي توضيح لمفهوم الأسرة من وجهة نظر بعض التربويين:[٤] بوجاردوس: يرى بوجاردوس أنّ الأسرة عبارة عن روابط عاطفية تجمع بين الوالدين وأطفالهما وهم جميعاً يعيشون في منزل واحد، أما الوظيفة الأساسية لها فتكون تربية الأطفال ليكونوا فاعلين بشكلٍ إيجابي في مجتمعاتهم. وستر مارك: يرى وستر مارك أنّ الأسرة تتمثل في مجموعة من الأفراد يرتبطون معاً بروابط مادية ومعنوية ليُشكِّلوا أصغر وحدة اجتماعية في المجتمع. ماكيفر: يرى ماكيفر أنّ الأسرة عبارة عن الروابط المعنويّة التي تربط كلاً من الوالدين مع أطفالهما والأقارب، وأنّها تبدأ بالعلاقات الغريزيّة بين الأب والأم. جيرالدليسي: يرى جيرالدليسي أنّ الأسرة عبارة عن مؤسسة اجتماعية تسعى لتربية الكائن الإنساني داخلها، وإليها يعزو الإنسان إنسانيّته. محمد قنديل وصافي ناز شلبي: يرى محمد قنديل وصافي ناز شلبي أنّ الأسرة هي عبارة عن الروابط البيولوجيّة التي تجمع بين الأفراد، وهي تبدأ بالزواج وإنجاب الأطفال، ولها عدّة وظائف تبدأ من إشباع الرغبات الجنسية لدى الوالدين وتوفير بيئة مناسبة لرعاية الأبناء وتنشئتهم في جو يسوده الهدوء والمحبّة. أهميّة الأسرة في المجتمع الحديث في ظل الضغوطات التي نعيشها في الوقت الحالي، أصبحت الحاجة مُلحّة للعيش ضمن أسرة صحيّة ومتماسكة، فمن أهم الفوائد للعيش ضمن الأسرة ما يأتي:[٦] تلبية الاحتياجات الأساسيّة: يقوم الشخص المسؤول عن الأسرة بتوفير الحاجات الأساسية كالماء والغذاء والمأوى لأفراد أسرته غير القادرين على توفيرها بأنفسهم بسبب صِغَر العُمر أو كِبَره، أو قد يكون بسبب الأمراض التي تمنعهم من إعالة أنفسهم. تلبية احتياجات الحب والانتماء: يُمكن اعتبار أنّ أهميّة تلبية احتياجات الحب والانتماء مساوية لأهمية توفير الحاجات الأساسية، والأسرة قادرة على تلبية هذه الحاجات خصوصاً عندما يسودها الحُب والسكينة. توفير المال: إذ إنّ كلّ شخص يقدر على العمل والحصول على دخل فإنّه يساعد أفراد أسرته في توفير المال لهم لتلبية متطلباتهم المختلفة. تحقيق السعادة والرضا: إنّ تبادل الأخبار المتنوعة بين أفراد الأسرة، إضافةً لممارستهم للأنشطة المختلفة، والاستمتاع بقضاء أوقات ممتعة معاً يُساعد على تحقيق السعادة والرضا لأفراد الأسرة. تشجيع الأهالي على العيش بنمط حياة صحي: وذلك للمحافظة على صحتهم كي يتمكنوا من التّمتع بالوقت مع أطفالهم وأحفادهم، ويعيشوا لحظات جميلة في رؤيتهم وهم يكبرون دون أن يمنعهم المرض من ذلك. حياة صحيّة أفضل للأطفال: إنّ العيش ضمن أسرة يوفّر الرعاية الصحيّة بجميع جوانبها للأطفال، فالآباء يشجعون أطفالهم على ممارسة الرياضة والابتعاد عن الطعام غير المفيد، كما يوفرون لهم العلاج الطبيّ عند الحاجة. زيادة عمر الآباء: توصّلت الأبحاث إلى أنّ الآباء الذين يعيشون في ظل أسرة صحية ومتماسكة تزيد مدة حياتهم. تقديم الدعم للأفراد: قد تبرز أهمية الأسرة كونها توفر استقراراً لأفرادها، كما توفر الدعم بجوانبه المختلفة؛ كالدعم المادي والمعنوي والعاطفي لجميع أفرادها. ملاحظة ظهور المشاكل عند أحد الأفراد وتقديم الدّعم: قد يتعرض أحد أفراد الأسرة لمشكلة ما ويُحاول حلّها بطرقٍ خاطئة، لكن عادةً ما يُلاحظ الأفراد الآخرون في الأسرة أنّ أحد أفرادها يتعرض لمشكلة ما لذا يُحاولون مساعدته على حلها بطرقٍ سليمة. تقديم الدّعم عند المرض: قد يتعرض أحد أفراد العائلة لمرضٍ عضوي أو قد يمر بضغط نفسي، وفي كلا الحالتين يحتاج إلى من يُساعده في مرضه سواءً في الذهاب إلى الطبيب وإحضار الدواء أم تقديم الدعم العاطفي له. الانخراط في المجتمع والمساهمة في تطويره: إنّ العيش ضمن أسر يُساعد على إعداد أفراد صالحين وقادرين على تطوير مُجتمعاتهم نحو الأفضل، من خلال التفاعل الإيجابي مع أفراد المجتمع الآخرين. أنواع هياكل الأسرة يوجد ستة أنواع للأسرة وهي ما يأتي: الأسرة النوويّة: تتكوّن الأسرة النوويّة (بالإنجليزية: Nuclear Family) من الأب والأم وأطفالهما، ويُمكن اعتبارها أسرة مثالية فهي مُفضّلة لدى الكثيرين؛ إذ إنّها توفّر فرصاً مناسبة لرعاية الأطفال، كما توفر الاحتياجات المختلفة لهم بسبب وجود والدَين يتساعدان مع بعضهما على توفير الدّخل،[٧] لذا هي تتميز بالاستقرار المالي، كما يتم فيها رعاية الأطفال في جوٍّ مستقر مع الاهتمام بكلّ من الصحة والتعليم والتفاعل والتواصل بين أفراد العائلة، لكنها في نفس الوقت قد تؤدي إلى التأثير على الروابط الاجتماعيّة بين الأقارب، إضافةً إلى تركيزها المُبالغ على الأطفال وإهمال أمور عائليّة أخرى.[٨] الأسرة ذات ولّي أمرٍ واحد: تتكوّن الأسرة ذات ولّي أمرٍ واحد (بالإنجليزية: Single Parent Family)، من أحد الوالدين مع الأطفال وهذا يعني أنّ فرصة توفير الاحتياجات الأساسيّة والعاطفيّة للأطفال تكون أقل مقارنة مع الأسرة النوويّة، وعادةً يتم مساعدة هذه الأُسرة من قِبل الأقارب والأصدقاء،[٧] وفيها يتم التعاون بين أفراد الأسرة لإنجاز الواجبات المنزليّة، إذ إنّ هذا النوع من الأسر يتميز بقوّة العلاقات ومرونتها بين الأفراد، كما يتم اعتماد هذه الأسرة على مصدر دخل واحد بسبب وجود أحد الأبوين اللذين عادةً ما يجدان صعوبة في الموازنة بين العمل ورعاية الأطفال، لكن في المقابل فإنّ الأُسرة ذات ولّي أمرٍ واحد تُعاني من عدم إشباع حاجات الأمومة والأبوّة للوالدين وللأطفال بسبب استقرارهم عند أحد الوالدين.[٨] الأسرة المُمتدَّة: تتكوّن الأسرة المُمتدّة (بالإنجليزيّة: Extended Family) من كلٍ من الوالدين والأطفال إضافةً لأفرادٍ آخرين مثل الأجداد أو الأعمام أو الخالات الذين يضطرّون للعيش في نفس المنزل بسبب عدم القدرة الماليّة على العيش في منزلٍ آخر، أو بسبب عدم قدرة الأجداد على رعاية أنفسهم،[٧] بينما تتم رعايتهم والاهتمام بهم في هذه الأُسرة، فهي تتميز بالدعم الاجتماعي، إضافةً للتعاون بين جميع أفرادها في رعاية الأطفال والقيام بالأعمال المنزليّة، لكنها قد تُعاني من المشاكل الماليّة بسبب إعالة الوالدين للعديد من الأفراد، إضافةً لانعدام الخصوصيّة والاستقلاليّة في المعيشة ضمن عدد كبير من الأفراد.[٨] الأسرة الخالية من الأطفال: تتكون الأسرة الخالية من الأطفال (بالإنجليزيّة: Childless Family) من الأب والأم فقط، بسبب عدم إنجابهما للأطفال إمّا بسبب مرضٍ ما أو بسبب اتخاذ قرارهما بعدم الإنجاب، وعادةً ما يلجأ الزوجان إلى تكوين علاقاتٍ وثيقة بأبناء الأخوة والأخوات، أو لتربية حيوان أليف في منزلهم،[٧] كما تتميز هذه الأسرة بالاستقرار المالي وتوّفر النقود، والاستقلالية والحرية للزوجين في القيام بالعديد من النشاطات؛ كالسفر معاً وإمضاء أوقاتٍ ممتعة، لكن مع مرور الوقت قد يشعر الزوجان بالوِحدة، أو أحياناً قد يصابا بحالة نفسيّة سيّئة إذا كان العُقم هو السبب في عدم وجود الأطفال.[٨] الأسرة البديلة: تتشكّل الأسرة البديلة (بالإنجليزيّة: Step Family) بعد حدوث طلاق بين الزوجين وزواج أحدهما من جديد وتأسيسه أسرة جديدة تتكوّن من الزوج وأطفاله وزوجة جديدة، أو من الزوجة وأطفالها مع زوج جديد، وهي بهذا تشبه العائلة النوويّة إذ إنّها مكوّنة من زوج وزوجة وأطفال لكنّ الأطفال من أحد الزوجين من زواج سابق، وهذ النوع من الأسر قد يواجه مشاكل في التكيُّف مع الوضع الجديد في بداية الزواج،[٧] ثمّ بعد التأقلم يحصل الأطفال على رعاية من الوالدين ويتم تأسيس علاقات عائلية بين الأشقاء الجُدد والأباء والأمهات، لكن مع ذلك تبقى الأسرة البديلة تعاني من صعوبة في ضبط الأطفال ورعايتهم.[٨] أسرة الأجداد: تتكوّن أسرة الأجداد (بالإنجليزيّة: Grandparent Family) من الأجداد وأحفادهم، إذ قد يلجأ الأحفاد للعيش مع أجدادهم لعدّة أسباب مثل وفاة الوالدين، أو هجرتهما،[٧] وفيها يتم توفير مكان جيد للأطفال للعيش فيه بدلاً من اللجوء إلى دور الحضانة، وفي هذا النوع من الأُسر تكون العلاقات بين الأجداد والأحفاد قوية،[٨] لكن ينبغي على الأجداد توفير المال اللازم لتلبية احتياجيات الأحفاد،[٧][٨] لذا قد تواجه هذه الأسرة مشاكل مالية إضافةً إلى اضطرار الأجداد للعمل بدوامٍ كاملٍ مما يسبب حدوث المشاكل الصحيّة لديهم والتي بدورها تؤثر في رعايتهم الأحفاد.[٨] وظائف الأسرة يوجد العديد من الوظائف للأسرة وهي:[٩][٤] الوظيفة البيولوجيّة: تتمثل في الحفاظ على استمرارية الحياة من خلال التكاثر والحفاظ على النوع الإنساني من الفناء، ويتم ذلك بإشباع الرغبات الجنسيّة من خلال الزواج المشروع. الوظيفة الاجتماعيّة: تتمثل في تنشئة الأطفال تنشئة اجتماعيّة سليمة، وإكسابهم المهارات والخبرات التي تؤهلهم للعيش والتفاعل في المجتمع والسعي لتطويره. الوظيفة الاقتصاديّة: أثرت التنمية الاقتصادية على طبيعة الحياة الأسرّية، ونتيجة لهذه التطوّرات زاد استهلاك الأُسر عما سبق، لذلك أصبح الأفراد يضطرون للعمل خارج مُحيط منزلهم للعمل على تلبية هذه الاحتياجات المُتزايدة. الوظيفة الحضاريّة: تتمثل في إعداد أجيال صالحة وقادرة على التفاعل بشكلٍ إيجابي في مجتمعاتهم وممارسة سلوكات تتوافق مع طبيعة المجتمع الحضارية. الوظيفة العاطفيّة: تتمثل في تقوية الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة الواحدة. الوظيفة النفسيّة: تتمثل في تلبية الحاجات النفسية للفرد؛ مثل حاجة الانتماء والحب وتقدير الذات فهي لا تقل أهمية عن الحاجات الأساسية. وظيفة المَكَانة: إنّ مكانة الأسرة تُحدّد المكانة الاجتماعيّة لأفرادها.[٤] وظيفة الحماية: تُوفّر الأسرة الحماية لجميع أفرادها؛ سواءً الحماية الاقتصادية، أم الجسمية، أم النفسية، إذ إنّ توفير الحماية تكون مسؤولية الوالدين في صِغر الأبناء، ثمّ تنتقل هذه المسؤولية إلى الأبناء عند كِبَر الوالدين.[٤] الوظيفة الدينيّة: للأسرة الدور الأساسي في إكساب أفرادها القيم الدينيّة وتعليمهم كيفية أداء العبادات.[٤] الوظيفة الترفيهيّة: من خلال قضاء أوقات ممتعة معاً كإقامة حفلات أعياد الميلاد، أو التنزه معاً.[٤] الوظيفة الإحصائيّة: يُمكن الاعتماد على الأسرة كوحدة مهمة عند القيام بجمع البيانات الإحصائية لتتم الاستفادة منها في المشاريع الاستثمارية.[٤] قضايا تتعلق بتكوين الأسرة والمحافظة عليها لإعداد جيل من الأبناء قادر على التفاعل بإيجابية في مجتمعاتهم وتطويرها نحو الأفضل ينبغي الاهتمام بعددٍ من القضايا الأسرية وأهم هذه القضايا: اختيار الشريك، ونوع العلاقة الزوجية، والأمومة والأبوّة، ونمط الأسرة، حيث نتحدث عنها بالتفصيل كالآتي: اختيار الشريك عند اختيار الشريك المُناسب ينبغي التأكد من التوافق بين الشريكين في عددٍ من الأمور؛ وأهمُّها العمر، والوضع الاجتماعي، والحالة الاقتصادية، والعِرق، والدّين، وإضافةً لجميع تلك الامور ينبغي الاهتمام بدراسة أخلاق الشريك واحترامه لذاته وقدرته على تحمُّل المسؤولية، فهذه الأمور مُجتمعة تخلق تجاذباً بين الطرفين، وبشكلٍ عام فإنّ بداية أي زواج غالباً تتمثل بالاحترام المُتبادل بين الطرفين واللّطف في التعامل.[١٠] التحكم بنوع العلاقة الزوجيّة من المهم الحفاظ على علاقة زوجية قوية بين الزوجين، ولتحقيق ذلك من المهم اتّباع عدد من الممارسات التي تحافظ على قوّة العلاقة الزوجيّة ومنها:[١٠] الاحترام المتبادل بين الزوجين. تجنب نقد أحد الزوجين للآخر أو الاستهزاء به. الحفاظ على العلاقة الوديّة بين الزوجين. عدم إصدار قرارات نيابةً عن الشريك. تحمُّل كل زوج مسؤوليّة قراراته التي تمَّ اتخاذها، وعدم الإلقاء باللوم على الشريك للتهرّب من مسؤولية القرارات المُتّخذَة. التعبير عن مدى حبّ الشريكين لبعضهما بشكلٍ مباشر. قدرة الزوجين على التعبير عمّا بداخلهم بوضوح أمام الشريك، حيث يُعبّر كل طرف عمّا يريده ويُفكر به وكل ما بداخله بشكلٍ مباشر. الأمومة والأبوة يُمكن اعتبار الأمومة والأبوّة رابطة قوية ومُعقّدة تجمع الأبوين بأطفالهما، وهي تتضمّن عدداً من الممارسات والسلوكيات والأنشطة التي يقوم بها الوالدان تجاه أطفالهما والتي تؤثر بنموّهم، وتتضمن هذه الممارسات أنشطة إيجابية كالاهتمام بالقراءة وممارسة الرياضة، وأحياناً ممارسات سلبيّة كالضرب والإهانة، وهذه الممارسات الإيجابية والسلبية مُجتمعةً تؤثر في شخصية الفرد مستقبلاً، ولتكوين أسرة قوية ومُتماسكة ينبغي الانتباه إلى أنّ شخصية الأم وطبيعتها تختلف عن الأب لذا ينبغي مُراعاة هذه الاختلافات والاتفاق على أسلوب واضح لتربية الأطفال وتحقيق الرفاهية والسعادة لهم.[١٠] بناءً على الممارسات التي يُمارسها الآباء مع أطفالهم يتم تقسيمهم إلى أربعة أنواع وهي:[١٠] الأب المُستبد: (بالإنجليزيّة: Authoritarian)، ينبغي على الأبناء عند هذا النوع تنفيذ أوامر الأب دون مناقشة، فالأب هنا هو من يخطط لحياة أبنائه دون أخذ آرائهم. المُتسامح: (بالإنجليزيّة: Permissive)، يُمكن أيضاً إطلاق عليه لقب الأب المرن، وهذا النوع من الآباء لا يُلزم الأطفال بما يريده، إذ إنّهم يسمحون لأبنائهم بالتعبير عن آرائهم وتنفيذ ما يريدونه، ويستوعبون تصرفاتهم فهم مُتساهلون معهم، ومنهم من يتفاعلون مع أبنائهم ويكونون على وعي بكيفية الانخراط بهم، ومنهم من لا ينخرطوا في حياة أبنائهم ولا يتفاعلوا معهم. غير المُشارك: (بالإنجليزيّة: Uninvolved)، هذا النوع من الآباء لا يتفاعل أبداً مع أبنائهم، إذ إنّهم لا يملكوا الوقت الكافي للتواصل معهم أو أحياناً يكونون غير مُتقبلين وجود الأبناء من الأصل وهذا كله يؤثر سلباً عليهم. الرسمي أو الحازم: (بالإنجليزيّة: Authoritative) يتميز هذا النوع بالحزم ووجود معايير واضحة يتبعها لتربية الأبناء، ويهتمّ باستخدام وسائل تربويّة لمُساعدة الأبناء على تصحيح أخطائهم والابتعاد عن العقاب كوسيلة لتأديبهم، وهو يسعَى إلى إعداد جيل واعٍ ومسؤول اجتماعياً ومنظّم ومتعاون وقادر على مواجهة ضغوطات الحياة. نمط الأسرة لتكوين أسرة مرنة ينبغي توفر الثبات في الأسرة إضافةً إلى توفر الأمور التالية:[١٠] تماسك الأسرة: (بالإنجليزيّة: Family cohesiveness)، وهو يعني مدى ترابط الأسرة معنوياً وعاطفياً معاً، ومدى اعتماد أفرادها على بعضهم. مرونة العائلة: (بالإنجليزيّة: Family flexibility) وتُشير إلى مدى قدرة الأسرة على اتباع أنماط مختلفة عن أنماطها المُعتادة عند حدوث أمر ما. التواصل العائلي: (بالإنجليزيّة: Family communication) ويُشير إلى مدى تفاعل أفراد العائلة مع بعضهم وقدرتهم على التعبير عن مشاعرهم بوضوح وصراحة تجاه بعضهم. المعاني العائليّة: (بالإنجليزيّة: Family meanings) وهي تُشير إلى الاهتمام بتحديد هويّة العائلة، وقدرتها على تجاوز التحدّيات، وكيف تكون نظرتها تجاه العالم من حولها. خصائص الأسرة تتميّز كلّ أسرة عن غيرها من الأُسر وتختلف عنها، إلّا أنّ هناك مجموعة من الخصائص التي تشترك بها جميع الأُسر داخل المجتمع الواحد ومنها:[٤] تقوم الأسرة على أساس الزواج وهو مصطلح أقرّه المجتمع، إذ إنّ الأسرة بنشأتها وتطوّرها وكل ما يتعلّق بها قائمة على مصطلحات المجتمع وليس على مصطلحات فردية. تعتبر الأسرة الأساس الذي يؤثر في أخلاق أفرادها وكيفية نشأتهم، إذ إنّ صفات الأشخاص وسلوكاتهم وأخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم جميعها تتشكّل بما يتوافق مع خصائص الأسرة التي ينتمون إليها. يُمكن اعتبار الأسرة كنظام وهذا النظام الأُسري يتفاعل مع الأنظمة الاجتماعيّة الأخرى فيتأثر ويؤثر بها. تعد الأسرة وحدة اقتصاديّة، فمنذ القِدم كان أفراد الأسر يستهلكون ما يتم إنتاجه في مزارعهم ومن تربية المواشي ضمن إطار منازلهم، ومع التطوّرات في المجتمع توسّعت وظائفها الاقتصاديّة وأصبح الأفراد يعملون خارج إطار منازلهم ليساهموا في التطوّر الاقتصاديّ، كما أصبح للمرأة دور في التطوّر الاقتصاديّ من خلال عملها خارج منزلها. تعتبر الأسرة وحدة إحصائية، فعند القيام بمشاريع استثمارية مثل المشاريع المعمارية يتم الاعتماد على البيانات الإحصائية والتي تعتبر كل أسرة أساساً فيها من أجل حساب عدد سكان منطقة ما، أو مستوى المعيشة مثلاً. تعتبر الأسرة هي المصطلح الذي قدّمه المجتمع من أجل تحقيق غرائز الإنسان ودوافعه الطبيعيّة والاجتماعيّة من أجل استمرار الحياة. خصائص الأسرة المُتماسكة تتميز الأسرة المتماسكة بعددٍ من الأمور ومنها:[١١] التعبير عن التقدير: تتميز الأسرة المُتماسكة بتقدير أفرادها لبعضهم البعض، وتعبيرهم بشكلٍ مباشر سواءً بالفعل أو القول. الالتزام: كل فرد داخل الأسرة المُتماسكة يقوم برعاية أفراد أسرته وإسعادهم ممّا يُحقق الوِحدة بين الأفراد. قوّة الرابطة الزوجية: يكون ذلك باحترام كل طرف للآخر وتفاعل الزوجين معاً بإيجابية، مما يؤثر على نجاح هذه الأسرة وسهولة تفاعلها مع الأسر الأخرى. قضاء الأوقات معاً: فيتم القيام بالأنشطة المختلفة كتناول الطعام، وتأدية العبادات، والتنزه بشكلٍ جماعي للاستفادة من الوقت. مهارات التواصل: تتميز الأسرة المُتماسكة بحرية التعبير وتبادل الأفكار بين أفرادها، ممّا يُساعد على تعزيز مهارات التواصل لديها. نمط حياة صحي: تهتم الأسرة المُتماسكة بالصحة العامة من خلال ممارسة الرياضة وتناول غذاء صحي، إضافةً لقدرتها على تطوير مهاراتها لمواجهة ضغوطات الحياة. الروحانيّة: تهتم الأسرة المُتماسكة بالجانب الروحاني للشخص، فهي تُركّز على الممارسات التي تُعززه كأداء العبادات، والتأمُّل، وقراءة الكتب القيّمة. التوقعات الإيجابيّة: تتميز الأسرة المُتماسكة بالإيجابيّة عند وقوع المشاكل فهي تسعى لحل ما يواجهها من مشاكل، إذ إنّها تؤمن بإمكانيّة حلّ أي مشكلة تواجهها. تقبُّل الأشخاص الآخرين: إنّ الأسرة المُتماسكة تؤمن بقدرات جميع الأشخاص، فكل شخص يتميّز في مجالٍ ما بالرغم من الأخطاء التي قد يقع بها. التفاعل من المجتمع: فأفراد الأسرة المُتماسكة يتميزون بقدرتهم على التّواصل مع الأشخاص الآخرين كالأقارب، والأصدقاء، والجيران ومُساعدتهم عند الحاجة. التسامح: فأفراد الأسرة المُتماسكة قادرون على تجاوز أخطاء الآخرين وغُفرانها ونسيانها، كما أنّهم قادرون على التعلم من تلك الأخطاء. أوقات المرح: يهتم أفراد الأسرة المُتماسكة بقضاء أوقات سعيدة ومُمتعة معاً، وهم دائماً ما يكونون إيجابيين ومتفائلين. المشاكل الأسريّة مشاكل قد تواجه الأسرة تتعرض كلّ أسرة لعددٍ من المشاكل البسيطة أو المعقّدة، ممّا يُشكّل تحدٍّ لها لمواجهة هذه المشاكل وحلّها، فعند تعرُّض أي أسرة لمشكلة ما فإنّ جميع أفرادها سيتأثرون بها وخصوصاً الذين يعيشون في نفس المنزل، فقد يكون تأثيرها في الحالة النفسية للأفراد أو في التسبّب بحدوث بعض المشاكل الجسمية، وهذا يؤثر على قدرتهم على القيام بواجباتهم اليومية، ممّا يتطلّب منهم التعاون لحل هذه المشكلة، وذلك يقوّي الروابط العائلية،[١٢] ومن أهم مُسببات المشاكل العائليّة:[١٣] تعدّد الآراء والقيم والأهداف لأفراد الأسرة. حدوث تغيرات في الأسرة كالطلاق، أو حصول زواج ثانٍ. الفقر أو المشاكل الماليّة. المشاكل الصحيّة سواءً النفسيّة أو الجسميّة. مشاكل أخلاقيّة كالتحرُّش، وتعاطي المخدّرات، ولعب القمار، وشرب الكحول. مشاكل تتعلّق بانعدام كلٍّ من الثقة والاحترام بين أفراد الأسرة. الكوارث الطبيعيّة. الحزن على فقدان شخص ما.[١٢] المشاكل الأكاديميّة والتعليمية للأبناء.[١٢] مشاكل مرحلة المراهقة.[١٢] كيفيّة مواجهة المشاكل معرفة الأدلّة التي تدُّل على وجود مشكلة، وهي:[١٣] الخِلافات والنزاعات المُتكررة. انعدام التفاعل بين الأفراد وعدم الاختلاط معاً. العصبية في التعامُل. العُزلة. المزاجيّة.[١٢] الاكتئاب.[١٢] التغيُّرات السلوكيّة عند الأبناء.[١٢] طرق مواجهة هذه المشاكل:[١٣] مناقشة المشكلة مع أفراد الأسرة بهدوء وصدق. تقبُّل الآراء الأخرى، والإيمان بأفكار ومُعتقدات الآخرين، وتجنُّب أي خلافات لا داعي لها. إيجاد وقت للمرح وتهدئة الأعصاب حتى مع موجود المشكلة. وضع خطة لحل المشكلة والالتزام بتنفيذها. طلب المساعدة من الأشخاص الموثوقين عند عدم القدرة على حل المشكلة. التفكُّك الأسري يُعرّف التفكُّك الأسري (بالإنجليزيّة: Family disintegration) على أنّه حدوث خلل في الترابط الأُسري واستقرار وتوافق الأسرة، فقد يحدث هذا الخلل سواءً بين الأزواج أم بين الأبناء،[١٤] كما يُمكن تعريفه بالاعتماد على معجـم مصطلحات العلوم الاجتماعيّة كالتالي:[١٤] هو وجود عدد من الأسباب كسوء التفاهم، والتي تدفع أحد الزوجين للتخلّي عن الأسرة وهجرها، وبالتالي التخلّي عن واجباته العائلية اتجاهها. هو الانحلال الأسري، وعدم قدرة الأسرة على القيام بوظائفها وأدوارها في المجتمع؛ وذلك بسبب وجود خلل في التفاعل بين أفراد الأسرة والمستويات الاجتماعية المعروفة، مما يؤدي إلى حدوث خلل في تحقيق التوازن والتكامل بين أفرادها. إنّ مشاكل التفكُّك الأسري تنعكس كُلياً على الأطفال ومن أهم الآثار المُترتِّبة عليه ما يأتي:[١٥] جنوح الأطفال وتشرّدهم. مشاكل أكاديميّة تتمثل في تدنّي علاماتهم الدراسيّة، إضافةً إلى تدنّي أخلاقهم وانحرافهم. التأثير في قدرة الأطفال على تفاعلهم مع مجتمعاتهم والتأثير به إيجابياً، فيتحوّل إلى مجتمع مفكك. التسبُّب بمشاكل صحية للأطفال كالمشاكل النفسيّة، والتخلّف العقلي، والأمراض العصبيّة. الشعور بالنقص، والإحباط، وعدم احترام الآخرين، وتوليد الكره والحقد تجاههم خصوصاً تجاه الأُسر السعيدة. التفكك النفسي للفرد؛ مما يؤدي إلى مشاكل الإدمان، وتعاطي الكحول، والمخدرات، والاتجاه نحو السلوك الإجرامي. بشكلٍ عام تقع مسؤولية حماية الأسرة من التفكك على عاتق الوالدين، فهما المسؤولان عن المحافظة على أطفالهما وتربيتهم بصورة سليمة؛ وذلك يكون من خلال الحفاظ على سلامة أسرتهما من المشاكل من خلال القيام بوظائفهما وواجباتهما تجاه نفسيهما وأبنائهما.[١٥]

اترك تعليقاً

إغلاق