السعادة الزوجية

حين تصرخ الزوجة: أنتَ مخلوع بالثلاث !

تسير الحياة وفق آلية منظمة ومحكمة ، وتلعب الدقة في الخلق والتشريع دوراً عظيماً في بقاء منظومة الأشياء والعلاقات والأفكار على وتيرتها الصحيحة الخالية من الاعوجاج أو الميل . ولم يجعل الله اختلال النَّحَلِ واختلافها إلا لشيء لا ندركه، بل تدركه قدرته ومشيئته . ولعل العلاج بالضد أحد الأدوية الناجحة حين تصبح الطرق إلى النفاذ مغلقة .

 

لماذا الخُلع ؟!
جعل الله القوامة على للرجل، وعصمة النكاح في يده، وهذه سنة الله في الخلق والتنظيم ، لكنه أيضاً شرَّع لوجود الخلع ، فجعل من حق المرأة أن تطلب فسخ النكاح، بل وتحصل عليه شرعاً وقانوناً إذا وجدت من زوجها قبحاً سلوكياً أو خلقياً منعها من الاستمرار معه كزوجة لها حقوقها وعليها أيضاً واجباتها، وهو أمر لا يخالف الفطرة، ولا ينقض سنة الخليقة ، لكنه ضد هوى الإنسان (الرجل) الذي يستنكف أن يكون للمرأة حق اتخاذ القرار في استمرار الحياة الزوجية من عدمها، لكنه في نهاية المطاف رحمة لكلا الطرفين، كما قد يكون الطلاق رحمة أيضاً ، فالخلع والطلاق وجهان لعملة واحدة ، غير أن أحد هذين الوجهين له طابع السيادة والشرعية ، وأما الآخر فذو طابع وقائي وصفة طارئة.. في قصص الرجال والنساء بين أيديكم ستجدون الدوافع والأسباب التي تجعل الخُلع أمراً مطروحاً كخيار وحيد أمام بعض النساء،وستتعرفون أكثر على مواقف الرجال المخلوعين، وإمكانية أن يكون الخلع حجر عثرة في حياة الرجل كما يبقى الطلاق غالباً حجر عثرة أمام المرأة .
مخلُوعُون ! ..
ضربتها تأديباً فخلعتني  !

 

( ع . س . ح ) – معلم – يقول : لم يكن هناك أسباب قوية لما فعلت ، لكن يبدو أن النساء اليوم أصبحن أقل صبراً وحكمة وأدبا مع الشرع أيضاً ، فهل من الدين أن تطالب المرأة بالمخالعة لمجرد أن يد زوجها امتدت عليها ؟!! وماذا نفعل إذا لم تنل بعض النساء التربية الكافية في بيوت آبائهن ؟.. نعم التربية ليست من شأن الزوج، لكن الضرورات تبيح المحذورات، وهذا ليس فيه إنقاص من شأن الزوج ، ويمكن أن يكون فيه مصلحة مباشرة للزوجة ، فالنساء عنيدات بطبيعتهن .. واختتم : هي ذهبت للمحكمة لتتخلص من مهامها كزوجة ، وأنا لست نادماً على ضربها ! أعتقد أن كلاً منا أخذ حقه ونال ما يستحق !
بخيل وعاجز!!
( ص . م . ع ) – أعمال حرة – : قدمت دعواها أمام القاضي بأني رجل بخيل ، ونسيت ـ شأنها شأن كل النساء ـ حجم المسؤولية الذي يقع على عاتقي ، فأنا من ينفق وليس هي . الحرص ليس بخلاً، والتوفير ليس بخلاً، والتفكير في الغد أمر مشروع ومطلوب وليس فيه أي جرم ، والمشكلة ليست في كوني بخيلاً في نظرها ، بل إنها أسرّت محاميها بالضعف الذي أعانيه بسبب إصابتي بالسكري وضغط الدم ، تنازلت عن عشرة ثمان سنوات، وأخذت طفلتها، وتركتني وحيداً، وهي تعلم أنني لم أذهب لزيارة الزوجة الأولى في القرية منذ أن تزوجتها ، ثمان سنوات غربة داخل الوطن عن زوجتي وأطفالي لأجلها، ثم تطلب الخلع بكل بساطة !
أنا دفعتها إليه .. !
( ا.ع . س ) – مقاول – : كنت كثير الحيرة من سلوكها ، فهي تخفي عني جوالها ، وتشعرني بالنقص وقلة الرجولة ، تركتها في بيت أهلها لمدة عام على أمل أن تشعر بالذنب ، وتعود لرشدها، وتقدر قيمة الحياة الزوجية، لكنها زادت عنادا ، واختارت المحكمة للمطالبة بالخلع .. وأضاف: في الحقيقة تركتها تفعل ما تشاء بعد أن زهدت نفسي عنها ، ولم يكن لدي رغبة في إعطائها أي حق لها عندي ، لكنها افتدت نفسها كما يقال، وفسخت عقد زواجنا بالخلع، ولم يمض إلا القليل حتى سمعت أنها خُطبت لرجل آخر .
أحبّتْ حريتها أكثر مني !
( ع . هـ . ع ) – مغترب – :عامان في الغربة فقط انقلب فيها كيان حياتنا الزوجية ، هي موظفة، وقد فعلت المستحيل حتى أتمكن من السفر للعمل في خارج الوطن ، هي من دفعني إليه، وهي أيضاً من جعلتني أعود ، في الغربة لم أتوفق بعمل جيد ، بينما كانت هي في انتظار أن يتدفق إليها المال بغزارة – كما تحب دائماً – في كل مرة كنت أتواصل معها لا تسألني عن شيء سوى العمل والعمل فقط، ولما رأت أنه لا جدوى من السفر أشعرتني أن المسؤولية ثقيلة على عاتقها، وأنها تريدني أن أعود إلى الوطن لأشاركها تربية طفلينا.. واستطرد:حين عدت شعرت بتغير معاملتها ، حتى أنها طلبت مني البقاء في بيت والدي حتى أجد عملاً مناسباً ، ولأنها كانت تدفع إيجار المنزل تحملت ، وبدأت أبحث بجدية عن عمل مناسب ، لكني تفاجأت باستدعاء المحكمة لي وطلبها الرسمي بالمخالعة ، وعندها وجدت نفسي مستسلماً لهذا القرار الذي لا يمكن أن تتخذه المرأة بسهولة إلا إذا كانت تشعر بأن الزواج قيد لابد أن ينكسر !
الطلاق أهوَن !!
( مروان . أ . س – موظف حكومي- : رغم أن الخلع أمر مشروع إلا أن الموضوع من وجهة نظري مهين بالنسبة للرجل، والإهانة ليست في التشريع مطلقاً ، وإنما في أنه -أي الرجل- جعل المرأة تلجأ للخلع طمعاً في تنازلها عن حقوقها ، أو إمعاناً في ظلمها وتجاوز حدود الإنسانية معها ، وعضلها على الاستسلام وبيع حقوقها لتنال حريتها أو شيئاً من كرامتها.. إنه إهانة للرجل الذي يملك الإحساس الكافي بذلك، وأما أولئك الذين يستخدمون التشريع لخدمة توجهاتهم فهم أبعد ما يكون عن التمييز والشعور بالمسؤولية .
بالنسبة لي سأنسحب بمنتهى الهدوء من حياة زوجتى إذا أرادات ذلك ، فهذا أفضل بكثير من  أن أكون مخلوعاً .
إهدار لحقوق المرأة

س . م . ع ـ الأديمي – موظف حكومي- الرجل الذي ينتظر أن يكون القرار في يد المرأة عند الانفصال قليل المروءة ، وليس لديه أدنى إحساس بالكرامة، فالخلع إهدار لحقوق المرأة ومعنويات الرجل، وقد أكون قاسياً على المرأة بعض الشيء لكن هذا رأيي الشخصي واتمسك به، نعم يؤثر الطلاق في المرأة والرجل ، ولكن الخلع تأثيره على الرجل أقوى من المرأة ، كما أنه يعطي النساء فرصة أكبر للتمرد وعدم الاعتراف بقدسية الحياة الزوجية، ولو أن الأمر بيدي لفضلت أن أطلق المرأة على أن أجعلها تخرجني من حياتها بلا رجولة !
ماذا تقول من خلعت زوجها ؟!
تربيته جعلتني أكرهه
( أم أحمد ) – ربة بيت – : كان زوجي مغترباً في المملكة، ويأتي لزيارتنا كل ثلاث أو أربع سنوات ، كنت صابرة ومحتسبة، وأفكر في مصلحة ولديَّ ، فالحياة عندنا قاسية، ولا توجد فرصة عمل كبيرة حتى نستطيع تربية أبنائنا كما نشاء ، لكن للحظة شعرت أن عمري يكاد ينقضي وأنا في حالة انتظار ، خاصة بعد أن كنت أتحدث إليه أحياناً وألمس منه بروداً شديداً ، فهو غير آبه بمشاعري وما أعانيه من غربته . تحدثت مع والديَّ في الأمر ، وتكفلا باحتضان ولديّ واحتضاني ، فخلعته وعدت لإكمال دراستي التي تركتها لأجله أكثر من ثمان سنوات .. وتؤكد: اليوم أشعر باستقرار ، لكني لازلت معقدة من الغربة والمغتربين، وأشعر أيضاً بأن الرجل الذي يتعامل مع المرأة وكأنها (وقف ) لا يستحق أن تُكمل حياتها معه ، ولو أنني لمست من الغربة شيئاً لاحتملت ، لكنه كان يعود فارغاً كما خرج من الوطن فارغاً أيضاً.
خلعتُهُ وتزوجتُ صديقه !
( أ . أ . م ) – موظفة – : كان زوجي من النوع الذي أتورط معه إن نطقت أو صمت، لايعاملني باحترام ، ويشعرني بالنقص في كل لحظة ، تحدثت عنه مرة إلى صديقة لي في مقر العمل ، ويبدو أنها تحدثت مع أحد الزملاء هناك ، فنصحني بأن لا أُحمِّل نفسي مالا تطيق خاصة وأنا لم أنجب منه أطفالاً، . فلجأت للقضاء، وطلبت الخلع، وأنتهى الأمر ، بعد مدة قصيرة تقدم أحد أصدقائه المقربين وخطبني من أهلي ، وهأنا اليوم متزوجة ، ولم يبق إلا القليل لأصبح أماً . لا أشعر أن الأمر مهين للرجل حين يكون مخلوعاً من ناحية القوامة أو الرجولة على الأقل ، لكنه مهين من كونه مرفوضاً من امرأة لم يستطع أن يجعلها تُحبه ، وتتعلق به ، أو على الأقل تحترمه .
أجبرني على ذلك !!
( س . م . ) – ربة بيت متعلمة – : بدأت حياتي مع زوجي بحمل مسؤولية والديه على عاتقي ، كانا كبيرين في السن ، والحمد لله وفقني ربي لخدمتهما حتى رحلا عن هذه الدنيا بعد سبع سنوات من الزواج ، بعدها بدأ زوجي يتغير ، وأصبحت أخلاقه سيئة خاصة بعد أن ورث عن والديه منزلاً ومحلات تجارية، أدمن الخمر ، وامتدت يده عليَّ عدة مرات، وأصبحت أخاف على ابنتي الوحيدة منه ، تركت المنزل، ولجأت لأهلي ، لكن، ولأني يتيمة، لم ينصفني أحد منه ، لذا لجأت للقضاء، وبعد مماطلة دامت سنة ونصف منه ومن المحكمة، ساعدني المحامي بفكرة الخلع، وتم الأمر بعدها ، لم أكن أشأ أن أترك حياة الراحة والرفاهية المادية على الأقل لأجل ابنتي ، لكن أخلاقه السيئة معي أجبرتني على ذلك ، والحمد لله أنني وجدت هذا الحل بعد طول عناء .
بخلعه اشتريت كرامتي ..!!
( م . أ . ش . ) – ربة بيت – : حين تزوجت كان عمري ستة عشر عاماً  ، زوّجني والدي من ابن عمتي رغماً عني . لكنني طالبته بالطلاق، فطلقني ولازلت بكراً ، ثم تزوجت بعدها برجل آخر، وكان والدي أيضاً هو صاحب القرار ، في القرية بدأت معاناتي مع هذا الرجل ، حيث استخدمني لخدمة أهله وزوجته الأولى ، وتعرضت للضرب من أولاده مراراً ، ولم يكن هناك من حل إلا الهروب من هذا الرجل العنيف.. وتضيف:بقيت أكثر من عامين بين جلسات المحاكم ووساطات أسرية أخرى ، حتى لفتت نظري محامية جارتي إلى مسألة الخلع، فخالعته، وتنازلت عن كل حقوقي لأتخلص من حياة العبودية التي كنت أعيشها ، صحيح أن ورقة العقد حملت شرطاً في حالة الطلاق ، وهو مؤخر بقيمة 300 ألف ريال ، لكن الكرامة ليس لها ثمن، وأنا أشتريت كرامتي، وهذا يكفيني .
بسبب ضُرَّتي و ابنتي !
وتقول ( م . م ) : تزوجت وأنا في الواحد والعشرين من العمر على رجل في الخمسين، ولم أنجب منه سوى بنت واحدة ، بعد عشر سنوات من الصبر على طباعه الحادة معي تبين لي أنه كان يخطط لتزويج ابنتي من شقيق زوجته الأولى، والذي كان معروفاً بسكره وعربدته ، بدأت زوجته تضايقني، وفي نفس الوقت تحاول أن تجذب إليها ابنتي ، وحين عرفت بهذه النية الخبيثة طلبت منه الطلاق، فرفض ، حاولت أن أجعل بيني وبينه وسيطاً حتى أنسحب من حياته بهدوء، لكنه كان عنيفاً مع أي وسيط يحاول الحديث معه .. وأكدت : وصلت المسألة إلى درجة إهانة البنت الصغيرة وتوبيخها بدون أسباب ، فقررت أن أخالعه ، وخلال أربعة أشهر فقط استعدت حريتي، واحتضنت ابنتي، والحمد لله أن في الشريعة الإسلامية حلولاً جذرية لمشاكلنا التي قد نشعر للحظة أنه لا حلول ممكنة لها .
إحصائيات وحقائق ..
تشير عدة إحصائيات محلية إلى أن مسألة الخلع بدأت تتزايد خلال الفترة السابقة وتأخذ طابع الشيوع بين أوساط النساء المطالبات بحل العلاقة الزوجية لأسباب عديدة . وأكدت هذه الإحصائيات إلى أن الأسباب الكامنة خلف انتشار هذه المطالبة المشروعة والمكروهة في نفس الوقت اختلاف طرق المعيشة ووسائلها ، واستقلال المرأة مادياً، والانتشار المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي الذي أدى إلى نشوء علاقات محرمة بين ضعفاء النفوس من الرجال والنساء على السواء . وفي البحث عن تلك الأسباب الداعية إلى المطالبة بالخلع تبين أن الرجال الذين تفسخ نساؤهم رابط الزوجية عن طريق الخلع ينقسمون إلى فريقين ، الأول يرى في افتداء المرأة لنفسها بكافة حقوقها مقابل الحصول على حريتها من رابط الزوجية مخرجاً له ولها لعدم قدرته على الوفاء بحقوقها ، أو التعامل مع المسألة كعقاب تستحقه هذه المرأة ، أما الفريق الثاني فيكون قد دخل في حالة ذهول صامتة ، ولايأبه لتنازل المرأة من عدمه، لأنه أصبح رجلاً منبوذاً من وجهة نظره .
للتذكير فقط
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) صدق رسول الله، والحديث رواه أبو داؤود ، والترمذي ، والدرامي، وابن ماجه، وهو حديث صحيح .
تقبّل الرجل للخُلع
• وبالعودة لطرح سؤال البدء : هل يتضرر الرجل المخلوع بالخلع كما تتضرر المرأة بالطلاق ؟!
يشير المحامي  محمد النقيب إلى أن الأمر لا يختلف كثيراً بينهما ، ويقول: وجدنا لدى بعض الأزواج ردود فعل سلبية جداً تجاه الأمر، بينما يراه أزواج آخرون مخرجاً جيداً لعدم قدرتهم على الوفاء بحقوق المرأة حال وقوع الطلاق ، وكما أن بعض النساء تدخل في حالة اكتئاب بعد حدوث الطلاق، وبعضهن الآخر تجد في مثل هذا دافعاً للاستمرار في الحياة بقوة وعزيمة أكثر ، كذلك الرجل أيضاً ، لكن الاختلاف فقط في نظرة المجتمع النوعية التي جعلت المرأة المطلقة في مصاف المبعدين عن ميزان العدالة الاجتماعية ، بالرغم من أن المجتمع أحياناً لا يرحم الرجل المخلوع من بعض الإقصاء، لكن ليس إلى درجة الإجحاف الذي تلقاه المطلقة .. مؤكداً: هناك عوامل متعددة تؤثر في ذلك، فالبيئة الأسرية، والمقومات الشخصية، والبيئة المجتمعية ..، كلها تلعب دوراً في تقبُّل الإنسان لنفسه بكل ما فيه وبكل أحواله، وأيضاً تقبل المجتمع له بذات الصورة ، فالإنسان ذو الشخصية القوية والإرادة الجبارة لاتؤثر عليه مثل هذه الأزمات، بعكس ضعيف الشخصية ، الذي يرى دائماً أن العالم بكل ما فيه يخطط لنبذه وإقصائه خارج حلبة الحياة . من المهم في نهاية المطاف أن ندرك أن كل ما يصيب الإنسان هو من عند الله، وأن الله لايُنزّل عسراً إلا ويجعل له يسراً ، وأن الحياة بهؤلاء أو بدونهم ستستمر، ولا ينبغي أن نصنع بأيدينا تلك العقبات التي تعوقنا عن استشراف الغد الجميل .   

اترك تعليقاً

إغلاق