التغذية

فكروا مرتين قبل أن تحضروا لأطفالكم الوجبات السريعة!

لا شك أن تناول الوجبات السريعة من الأمور التي إستحدثت في النظام الغذائي العربي، وذلك ضمن حمى العولمة التي أصابت العالم، حتى لو كنا نعرف إن هذه الوجبات تحوي معدلات عالية من السعرات الحرارية وخاوية من العناصر المغذية، وتنطوي على الكثير من الأضرار الصحية بالغة الخطورة، مما جعلها تلعب دورا أساسيا في أمراض هذا العصر، كما أنها سبب جوهري في فتور العلاقات الإجتماعية والتباعد الأسرى بعد أن كان الطعام هو الذي يجمع أفراد كل الأسرة ثلاثة مرات يوميا على الأقل.

مشاكل صحية:

طعام
إن تناول الأطفال لهذا النوع من الوجبات بما تحتويه من كميات كبيرة من الدهون ومكسبات الطعم، تؤثر – كما يقول د. خالد سعد النجار – على كيمياء المخ، وتسلبهم الإرادة في التوقف عن تناول هذه الوجبات مثلما يحدث مع المدخنين، كما أظهرت الأبحاث أن كثرة تناول الوجبات السريعة تعمل على تنشيط الجين الخاص بالسمنة بصورة مرضية.
وقد تنبهت إلى هذا الخطر أكثر من 20 ولاية أمريكية، ومنعت طلاب المدارس من تناول هذه الوجبات لوجود علاقة بينها وبين الإصابة بالأنيميا وفقر الدم وإرتفاع نسبة الكولسترول، بجانب وجود علاقة بين المشروبات المرفقة مع هذه الوجبات التي تحتوى على الصودا وبين الإصابة بهشاشة العظام وعسر الهضم.

علاقتها بالسمنة:

رجل
لا شك أن السمنة تعتبر من أخطر الأمراض التي تهدد صحة الإنسان، وهى تعتبر أول الأعراض الناتجة عن تناول مثل هذه الوجبات السريعة، خاصة عند الأطفال، فقد ذكرت دراسة حديثة أجراها العلماء البريطانيون أن الأطفال في بريطانيا أكثر عرضه للأمراض الخطيرة الناتجة من تناول الوجبات السريعة، وأوضحت الدراسة أن 10% من الأطفال مصابون بالسمنة، بينما يعانى 20% من الوزن الزائد، مع زيادة حالات الوفيات بين الأطفال.

مزيد من الأخطار:

بطاطس

أظهرت دراسة أمريكية أن تناول الوجبات السريعة يزيد درجة قصر النظر بالمقارنة بتناول الوجبات الغذائية الغنية بالبروتين، وقد أكد الباحثون أن زيادة إستهلاك الأطعمة النشوية في مراحل الطفولة والشباب قد يكون وراء زيادة معدلات الإصابة بقصر النظر.
أيضا كشف بحث جديد نشرته مجلة الصدر «Thorax» البريطانية عن أن هناك علاقة بين زيادة تناول الأطفال الوجبات السريعة التي إنتشرت مؤخرًا، وكذلك الأطعمة المغلّفة مثل البطاطس الشيبسي، وإهمالهم تناول الفواكه والخضراوات، وزيادة أعراض مرض الربو الشعبي لديهم؛ بسبب عدم إحتواء هذه الوجبات السريعة على مضادات الأكسدة التي تفيد الجسم، والتي توجد في الألبان والأغذية الطازجة كالفاكهة والخضراوات.
وقد ثبت من خلال البحث الذي قاده البروفيسور (أنتوني سبتون) – الأستاذ بقسم طب البيئة والمجتمع بجامعة «أباردين» – زيادة نسبة التعرض لأزمات الربو الشعبي في الأطفال الذين يتناولون الأطعمة والوجبات السريعة، ويخلو طعامهم من مضادات الأكسدة – التي توجد في الألبان والخضراوات – والأطعمة التي تحتوي على فيتامين «هـ» والكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم والفوسفات، وقد تسبب ذلك في زيادة نسبة الإصابة بالربو ثلاثة أضعاف عن الأطفال الذين يعيشون في بيئة الريف ويتناولون الخضراوات والألبان.
هذا فضلا على أن ظاهرة الوجبات السريعة تمثل أحد مظاهر التغريب التي غزت أمتنا، والتي أفقدتنا حس التماسك الإجتماعي، والدفء الأسري، فلقد نشأت ثقافة الـ «تيك أويي» هذه – وفقا ل د. خالد سعد النجار – لتلبي حاجة إجتماعية طارئة على المجتمع الغربي، الذي تهيمن فيه المادة لدرجة أن من لا يلتزم فيه بمواعيد الطعام يمكن أن تضيع عليه أجرة عمله في ذلك اليوم، بل ومن لا يلتزم بالمواعيد عمومًا فإن هذا يؤدي إلى تعقيد حياته وإصابتها بالركود والشلل.
ولا شك في أن هذا النظام والإلتزام في المواعيد من الآداب الحميدة التي حث عليها الإسلام، وأمرنا بها بإعتبارها ضمن الوفاء بالعهود، لكن إن كنا نحن المسلمين ننظر إليها هكذا، فإن المجتمعات الغربية لم تعتبرها أدبًا في الحياة، بل عبئًا أخلاقيًا، وأسهمت ضغوط الحياة المادية في الغرب في إنتاج ثقافة الـ «تيك أويي» لتساعد الناس على إنتهاز الوقت وإستغلاله.
إن ثقافة الـ «تيك أويي» هذه قد أدت إلى تقليص الفترة التي يجلس فيها الآباء مع الأبناء…لقد كان الأب قديمًا يتناول فطوره بالمنزل مع أهل بيته، وكان البيت يرسل لمن في الخارج طعامه، وكان الأب في منتصف النهار يقيل في بيته متبعًا إياه بتناول وجبة الغداء مع أهله، ثم تكون وجبة المساء التي تكاد تجمع الجميع في دفء عائلي نفتقده هذه الأيام.
وخلال هذه الجلسات كان الأهل يتواصلون، فينقلون القيم الإجتماعية التي يريد المجتمع الحفاظ عليها بين بعضهم بعضًا، فيستمع الأب أو الأم إلى مشكلات الأبناء ويوجهونها، ثم يسمعون الإعتراضات ويردون عليها، ثم يعرفون موطن الخلل الذي لم تعالجه الجلسة فيسعون إلى زيادة مساحة الوقت المخصص لعلاجها.
أما اليوم فتجمع الأسرة حول مائدة طعام واحدة قد قل كثيرا بسبب هذه الوجبات السريعة التي أصبحت سهلة وسريعة ومتوفرة في أي وقت وكل مكان، وهكذا ضاعت من بيوتنا قيمة غالية حيث إنفرط عقد جلسة تجمع الأسرة ثلاث مرات يوميًا.. تلك هي عواقب ثقافة الـ «تيك أويي» التي تقودنا إلى ضرر بدني وإجتماعي، لا يعلم مداه إلا الله تعالى وحده.

اترك تعليقاً

إغلاق