مقالات وبحوث

تستر الأمهات على أخطاء الأبناء: حلول مؤقتة تضر بمستقبلهم

بدافع العاطفة والخوف والشفقة على الابن أو الابنة، تتستر الأم وتخفي في بعض الأحيان الأخطاء الصادرة من الأبناء خشية عقاب الأب، وخصوصا إذا كان قاسيا في ردة فعله.
إلا أن تستر الأم يتسبب باستمرار في تفاقم المشكلة ووقوع الأبناء في أخطاء أكبر، وبذلك تكون بلا قصد كانت سببا في حيادهم عن المسار الصحيح أو تعليمهم صفات أبسطها الكذب والخداع.
الموظفة في أحد البنوك التجارية أم عصام التي تتبع هذا الأسلوب مع أبنائها، فهي تخفي عن زوجها ما يقوم به الأبناء من تصرفات خاطئة خشية من أن يقوم بضربهم ويؤذيهم نفسيا وجسديا.
وتقر أم عصام الأم لثلاثة أطفال أن أسلوبها خاطئ، ولكنها في الوقت نفسه تعلم أن ضرب الأبناء أكبر خطأ، فهو لا يحل مشكلة وفي الوقت نفسه يعلم الابن تفادي السلوك فقط خوفا من العقاب وبلا اقتناع بأنه مخطئ، وربما يتمادى في الخطأ، مضيفة أنها تفضل التحاور معهم ومحاولة حل مشاكلهم بنفسها، وتهديدها لهم بأنها ستخبر والدهم إن تكررت هذه الأخطاء، خصوصا إن كانت صغيرة بمستوى أعمارهم.
وتستر الأم على أبنائها يشير إلى قصور في أسلوب تربيتها لهم في رأي المرشدة التربوية في إحدى المدارس ميساء أبو الهيجاء التي تؤكد أن لكل أم مهمة خطيرة ينبغي أن توليها كل اهتمامها، وهي تربية الأبناء، موضحة أن تسترها على أخطائهم دليل على فشلها في تربيتهم.
وتذهب إلى أن حل مشكلات الأبناء وتوجيههم يكون بالتعاون مع الأب، الذي ينبغي أن يقترب من أبنائه ويصادقهم”.
وتستر الأم، وفق أبو الهيجاء، يخلق مشكلات كبيرة تدفع ثمنها غاليا، حينما يدخل الأبناء في عمر المراهقة، لأنها سمحت لهم بأن يخطئوا وأن يفلتوا من متابعة الأب بداعي التعاطف أو الشفقة عليهم.
أم عون تتبع أسلوب الشفافية في الأسرة وبالاتفاق مع زوجها، لكنها لا تستطيع أن تتحدث مع زوجها ببعض مشكلاتهم، لعدم تفهمه لها، فهو قد يلجأ إلى الضرب والصراخ الشديد.
وتقول “مسؤولية تربية الأبناء لا تستأثر بها الأم وحدها، بل إن الأب معني بكل ما يجري مع أبنائه، وهو ما يفرض عليها مصارحته بكل ما يحدث وإن كانت تخشى فقد ثقة الأبناء بها فيمكن له أن يخبرهم أنه علم بالموضوع من مصدر آخر، وبذلك توجد صيغة للتعامل مع المشكلة من دون اللجوء إلى العنف أو غضب الأبناء من الأم لإفشاء سرهم لأبيهم”.
أما أم خلدون فتقول “ليس من مصلحة الأبناء أن تتستر الأم على أخطائهم، وإذا عرفوا ذلك استغلوه أسوأ استغلال وتعلموا الكذب، لأنهم يشاهدون قدوتهم وهي الأم تكذب، لذلك لم ألجأ لهذا الأسلوب مطلقا وهو ما جعلني أرتاح”.
أما محمد إبراهيم طالب ثانوي، فيؤكد أن والده صديقه والأقرب له في الأسرة، إذ يصحبه عند خروجه إلى الأصدقاء والمسجد ويناقشه في كل الأمور.
ويقول “والدي صديقي، أما والدتي فتختص بشؤون الشقيقات بالدرجة الأولى، لذلك فلا يوجد بيني وبينه وسيط، وهو لا يقصر في نصحي وأعتز بالثقة التي يمنحني إياها وأحافظ عليها”.
في حين يقول عبد الله عبيدات “تحرص أمي على مشاركة والدي لها في كل شيء، وانطلاقا من ذلك فهي لا تخفي عنه شيئا يخصني، وهو الأمر الذي جعلني أعرف ما يمكن أن يقبلاه أو يرفضاه” .
يؤكد الأسري أحمد عبد الله أن الحياة الزوجية لا بد أن تكون قائمة على الصدق والشفافية والتلاحم بين الأبوين، فلا تخفي الأم شيئا عن الأب لمصلحة الأبناء وحرصا على التفاعل الإيجابي بين كل أطراف العلاقة الزوجية والأسرية.
ودوافع الأم للتستر على أبنائها، وفق عبدالله، تدور حول عدة أسباب أهمها شعور الأم بغياب دور الأب في البيت، أو شعورها بأن مشاركته في حل مشكلة أبنائه تؤدي إلى عواقب وخيمة أو أنها ستكون تدميرية للأبناء، أو إدراكها أن الأب لا يمتلك ميزة إدارة حوار ناجح مع أبنائه كأن يكون متسلطا أو صاحب أوامر صارمة أو مفتقدا لروح الدعابة والحنان.
ويردف “كما أن ثمة دافعا آخر يخصها شخصيا وهو حنانها المفرط وعاطفتها الشديدة نحو أبنائها وخوفها من العواقب عليهم حتى لو كانت في مصلحتهم”.
ويطرح عبد الله عدة حلول لعلاج المشكلة مؤكدا أن المسؤولية تقع على الأبوين معا، إذ يقول “من الضروري أن تصارح الأم زوجها بكل ما يخص الأبناء بحكم أنه يمتلك الخبرة اللازمة لحل مشكلاتهم، وخاصة إذا كانوا ذكورا، كما أن الوسيلة التي سيعالج بها المشكلة، على الرغم من قسوتها في بعض الأحيان، تكون شافية ومعالجة للموقف مثل المشكلات التي تتعلق بالإدمان أو التدخين مثلا”.
ويطالب الأب بالاقتراب من أبنائه ومصادقتهم بإقامة حوار معهم وباصطحابهم إلى العمل أو المسجد أو إلى الأصدقاء، لأن لذلك أكبر الأثر في تعلق الابن بأبيه وزوال الرهبة بينهما التي تحول في كثير من الأحيان دون المصارحة.

اترك تعليقاً

إغلاق