سلايد 1مقالات وبحوث
لا تغفلوا أبدا هذه الطبيعة البشرية داخل الأسر
إن الله سبحانه وتعالى لما خلق الخلق جميعا جاء كل واحد منهم مختلفا عن الآخر لا يشابهه ولا يطابقه، فهذه هي الطبيعة البشرية التي خلقنا الله عليها، فالفروق الفردية شئ من الطبيعي جدا وجوده بين البشر جميعا حتى المتفقين في الجنس أو السن أو العلم، لذلك على كل زوج وكل زوجة أن يضعوا مبدأ الفروق الفردية نصب أعينهم أثناء التعامل معا.
الإهتمامات المختلفة من أهم مبادئ الطبيعة البشرية الهامة:
دعونا نتحدث عن مبدأ الإهتمامات المختلفة والذي يعني – بكل بساطة – أن ما أهتم به أنا ليس بالضرورة أن تهتم به أنت، وما يهتم به ولدي هو غير الذي أهتم به أنا مع وجود قاعدة أساسية لهذه الإهتمامات والإختلافات الطبيعية.
وإن كان هذا الكلام ينطبق على المجتمع كله فهو كذلك ينطبق على الأسرة فما أهتم به أنا غير الذي تهتم به زوجتي، فلذلك كان لزاما على كل مسؤول عن أسرة أن ينتبه لهذه الفروق ولا يحولها إلى نقطة خلاف تسيء لحياته وحياة من حوله.
إن خطأ الكثير من الناس أنه يريد لزوجته أن تلغي هذه الفروق الفردية من حياتها ويريد من أولاده أن يلغوا كذلك هذه الفروق، ويري أن يحشر الناس جميعا في رغباته الخاصة وأهواءه وما يريد هو فقط، وبالتالي لايحصد في بيته إلا شقاءا وفي مجتمعه إلا نفورا.
القدوة الحسنة:
ويحدثنا م. عبد اللطيف البريجاوي عن الفروق الفردية في الإسلام فيقول: “القدوة العظمى عليه السلام إهتم بهذه الفروق الفردية وبينها وتعامل معها تعاملا إيجابيا وحولها من نقطة خلاف إلى نقطة تربية وتوعية، فمرة كما في صحيح البخاري عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه(صرح غير البخاري بأنها عائشة) فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين (وصرح غيره بأنها أم سلمة) بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فإنفلقت فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت. (البخاري)
والنبي في تعامله مع هذه الحادثة يعلمنا طريقة للتعامل مع فارق فردي موجود عند النساء بكثرة إنه الغيرة والتعامل بحكمة مع شيء من التجاهل،
وكذلك كانت طريقة تعامله عليه السلام مع الأطفال مراعاة منه لهذه الفروق فكان يحمل الحسن والحسين وهو في الصلاة كما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذا رفيقا ويضعهما على الأرض فإذا عاد عادا حتى إذا قضى صلاته أقعدهما على فخذيه (أحمد)، وكم هي سعادة الأطفال عندما يتعلقوا بآبائهم وهم في الصلاة”.
الحياة الزوجية:
إن الحياة الزوجية لا تقوم على التشابه وإنما تقوم على المودة ومن يريد أن يجعل من أولاده نسخة منه فإنه لن يحصد إلا مرارة وشقاءا والأب الواعي والمستهدي بهدي النبي والسلف الصالح لا يجعل من هذه الفروق الفردية نقطة خلاف إنما يحول هذه الفروق بحكمة إلى وسيلة تربوية وإرشادية.
ومن الأمثلة على الفروق الفردية والتي يجب الإهتمام بها وإستخدامها كوسيلة تربوية أن بعض النساء تكون الكلمة الجميلة واللطيفة من الزوج أفضل عندهن من كثير من الأمور الأخرى، والزوج مثلا يعتبر هذا الكلام سخافة وهراء ولا وجود له وقد ذهب أوانه، وعدم الإهتمام بهذه النقطة مثلا قد يولد بعض النفور من الزوجة.
كذلك بعض الأولاد ينتظرون رجوع والدهم من عمله بفارغ الصبر ليأتي لهم ببعض الأمور كالحلوى والألعاب لكن كثيرا من الأباء ينسون هذا وتخيب آمال الأطفال برجوع آبائهم إلى البيت، وكل ما يفعله الأب هو الصراخ في وجوه أطفاله لأنه متعب من العمل ويحتاج للراحة، فكيف بالأطفال الصغار أن يتفهموا ما يريده الأب منهم أن يتفهموه إذا كان هو الشخص البالغ الكبير الناضج لم يتفهم طبيعتهم البشرية كأطفال؟