السعادة الزوجيةقصص وحكايات

قصة روعة «حل مشكلات البيت»

‏يحكي أ.محمد صابر مقدم برامج قناة صفا رحمه الله قصته فيقول: عندما كنت أدرس في الجامعة

كان أبي و أمي شبه منفصلين رغم أنهما يعيشان في بيت واحد، فالشجار شديد بينهما: يدخل أبي إلى البيت بعد عمله مجهدًا ، فيجد امي مشغولة بإخوتي أو بإعداد الطعام أو بنظافة البيت، اي أنه لا يجد الوضع مهيأ لراحته كما يريد، فينزعج جدًا، فيرفع الصوت بالمساءلة والعتاب، فتغضب أمي، ثم يبدآن بالصخب والسباب! ويصلان إلى حد العراك …

نحن في البيت عددنا كبير: أنا في الجامعة، أختي في الثانوية، لي إخوة في الإعدادي ،والابتدائي.

وجميعنا نشاهد ذلك الصخب، فينقلب ألماً وحسرة في نفوسنا وبكاءً في عيوننا…

تطور الأمر حتى طلق أبي أمي مرتين، ولم يبق لهما سوى الطلقةالأخيرة ، وبعدها تضيع حياتهما وحياتنا…

تطور الشقاق بينهما، وأصبح أبي يتناول حبوب الاكتئاب، ولا يحب الجلوس في البيت، واصبحت امي معظم الوقت متضايقة ومتوترة.

يقول محمد: لـمّـا درست مهارات التفكير وأهميتها،

و بدأت أمارس التفكير الناقد، والتفكير الإبداعي، أحسست بأني كنت مهملاً لنفسي وحياتي، وان السلبية التي اعيشها ادت إلى عدم وجود أي أثر أو مشاركة لي في البيت، فقط كنت أدرس، آكل، أشرب، أنام، وقد ألعب مع إخوتي، ولي طلعات مع أصدقائي!

أختي مثلي كذلك، وكلانا نعزف نغم السلبية في بيتنا!

يقول محمد: لمّا مررنا على إستراتيجيات حل المشكلات، وطبقت ومارست مهاراتها، عرفت كم أنا مقصر مع نفسي وأبي و أمي واسرتي كلها.

كنت أتصور أن المهمات والمسؤوليات تقع على أبي و أمي فقط، أما نحن فلا مسؤولية علينا ابدا!!.

ولكن ما غير قناعتي وحركني لتغيير سلوكي في البيت أمران درستهما في علم النفس: اذا احسست بمشكلة حولك فلن تحلها حتى تحس بأنك جزءٌ من المشكلة و الحل، والأمر الآخر أنه لا شيء مستحيل.

هنا فكرت: لماذا أنتقد والدي ووالدتي ولا أنتقد نفسي! أين دوري؟

ثم فكرت بأسباب المشكلة، فوجدت من أبرزها أن هناك ضغطاً جسدياً ونفسياً ومالياً على ابي وامي، فأبي يعمل منذ الصباح وحتى العصر ؛ ثم يأتي مجهدًا فيتابع البيت و متطلباته، ويتابعنا تعليمياً و تربوياً، إضافة إلى مهامه نحو الأسرة و الأقارب ..الخ.

لاحظت أن أبي لديه ١٤ مهمة، وأمي لديها مثله في البيت، وأنا وأختي لا نشارك إطلاقًا في اية مهمة، فوضعت خطة لتحمل أربع مهام من مهام والدي: المشتريات من السوق- متابعة دروس أخي الصغير – القيام بمشاوير الوالدة- إضافة الى إحداث جلسة تفاعلية للأسرة في بعض الأمسيات، أديرها أنا وفيها قصص وفوائد وطرائف.

وكذلك بحثت عن عمل خفيف يوفر لي مبلغ من المال كمصاريف لي بالجامعة ومساعدة أبي بمصاريف البيت…

أيضا أختي ناقشتها فاقتنعت بإعانة أمي، وقررت ان تقوم بأربع مسؤوليات: بالإشراف على سفرة الطعام تقديمًا وتنظيفًا- إعانة امي في تنظيف البيت- الاشراف على نظافة أختي الصغيرة- تنظيف أختي الصغيرة الأخرى.

بقينا ننفذ ذلك لمدة شهر، فلاحظت تغيرًا واضحًا في نفسية الوالد، وأمي هدأت أكثر ، ونحن بدأنا نحس بدورنا في البيت، وغاب ٦٠ ٪ من المشكلة .. الحمدلله…

بعد ذلك طلب محمد واخته من أبيه وامه طلبا غريبا: طلبا منهما ان يأخذا اجازة ويذهبا بمفردهما إلى مكان ما في بلدهما أو خارجها لمدة ثلاثة أيام، وينسيا هموم البيت والأسرة والأولاد ليستجمّا ويرتاحا، ثم ليعودا أكثر نشاطًا.

في أول الأمر رفض الوالدان الفكرة واستغرباها، ولكنهما اقتنعا بها وقررا تجربتها…

وفي الأسبوع الذي يليه حزما حقائبهما وسافرا ظهر الأربعاء، ولم يرجعا إلا العاشرة ليلة السبت،

 

وكان بينهما وبين اولادهما تواصل على الهاتف، وعندما رجعا كانا كعروسين، ووجه الأم ينضح بالبُشرى والارتواء وكأنها عروسة اللحظة، أما الأب فكان سعيدًا مطمئنًا: غاب حزنه وترك الحبوب النفسية، وعند دخوله الى البيت ضمّ ابنه محمدا وقبله ثم بكى وقال: يا حبيبي يا محمد، كان حقًا عليّ أن أزوجك، فإذا بك أنت من يزوجني.

كان لزامًا عليّ أن أبني سعادة بيتنا، فإذا بك أنت وأختك من يمد قلبي وقلب أمك بالحب والحنان بعدما كاد ينكسر الزجاج، و ينثلم الفؤاد.

يا بني علمتني أنت أن الحياة نحن من يصنعها في دواخلنا، علمتني بذكائك ولباقتك وعلمك أن المشاركة للكل راحة للكل، وأن المركزية تقتل سعادة المرء، فهو متعب دائمًا والناس معه متعبون، لكنكم الآن شاركتم وبادرتم وريّحتم واسترحتم.

يختم محمد قصته بقوله: لقد غابت المشكلة كلها تقريبًا، وهذه هي المرة الاولى التي أدرس العلم فيها دراسة تطبيقية في حياتي..

اﻷبناء عندما يتحرّرون من اﻷنانية ، يُصبحون نعمة..!!

كم من أولاد في بيوت أبائهم لا فائدة منهم

إغلاق