صحة الأطفال

“مصلحة الطفل أولا”.. كيف يحقق قانون الحضانة الجديد العدالة لجميع الأطراف؟

وقد اهتم الإسلام بالأسرة اهتمامًا بالغًا ودقيقًا يشمل جميع علاقاتها وتفاعلاتها وظروفها، ومع حرص الإسلام على استمرارية الأسرة واستمرار بنائها جعل لمشكلاتها المتوقعة حلولاً استباقية وأحكامًا تخفف وطأة هذه المشكلات والآثار المترتبة عليها، وقد ناقَشت الشريعة جميع المشكلات المنبثقة عن أي تغيير في حياة الأسرة ومسارها، فشرعت ” الطلاق ” ليكون الملجأ لحالة انسداد الآفاق الإيجابية لاستمرار علاقة الزواج، ورتبت لآثاره أحكامًا تشمل جميع أطراف الأسرة.

حيث أجمع أهل العلم والفقه على أحقية الأم بحضانة أولادها إذا طلبتها وتوفرت فيها شروط الحضانة، واستدلوا على الحكم بما نقل عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما “أن امرأةً قالت: يا رسولَ اللهِ إن ابني هذا بطني له وعاءٌ، وثديي له سِقاءٌ، وحِجري له حِواءٌ، وإن أباه طلَّقني وأراد أن ينزِعَه مني. فقال: أنتِ أحقُّ به ما لم تَنكِحي”، و على الرغم من اتفاق الفقهاء على أسبقية الأم في حضانة الأولاد، غير أنهم اختلفوا في السن المحدد لنهاية الحضانة، والراجح في ذلك أن الحضانة موقوفة على التمييز والاختيار، فإن بلغ الطفل رشده وصار مميزًا خير، فكانت رعايته بعد ذلك على اختياره، وقد استدل العلماء بذلك على الأدلة الصحيحة في أحاديث السنة النبوية.

تستعرض “بوابة الأهرام” أراء الخبراء القانونيين وعلم النفس في كيفية الحفاظ على حقوق الصغير وتحقيق العدالة لكافة الأطراف…

ترتيب الأب رقم 16 في استحقاق الحضانة

في البداية يقول وليد عبد المقصود المحامي ورئيس رابطة معا لإنقاذ الأسرة المصرية، أن الوضع الحالي للحضانة يضع الأب في ذيل القائمة وترتيبه هو رقم 16 في القانون الحالي لاستحقاقه للحضانة، وجاء ذلك لأن الفقة الإسلامي حلل الحضانة لمحارم الطفل “أقاربه من النساء” لأنه يحتاج لإمرأة ترعاه، مضيفًا لذلك أرى لابد عند تعديل القانون الخاص ب حضانة الصغير مراعاه أن تكون الحضانة كما هي للأم ثم أم الأم “الجدة للأم”، ثم أم الأب “الجدة للأب” وإذا لم تتوافر الأهلية لما سبق ممامن له حق حضانة الصغير سواء بالوفاه أو زواج الأم أو عدم مقدرة الجدة للأم أو الجدة للأب مراعة الغير أن تنتقل الحضانة للأب وإذا لم يكن الأب موجود “الوفاه أو السفر أو متغيب أو يحول مما يمكنه تربية الصغير” فيكون لخالته في حالة أنها مطلقة أو أرملة أو غير متزوجة فإن لم يكن تكون أخت الأب ” العمة” وينطبق عليها ما ينطبق على الخالة وهنا ننقل الأب من رقم 16 إلى رقم “5” وذلك في حالة زواج الأم وعدم صلاحية الجدة من الطرفين، هذا بالإضافة السلطة التقديرية للقاضي لما يكطون في مصلحة الصغير على أن يكون في سن يستطيع الأب أن يقوم برعايته.

شروط الاستضافة

ولفت عبد المقصود أن مسألة الرؤيا الموجودة بالقانون الحالي لا تصلح وضد الأعراف والمواثيق والإنسانية، حيث أن الطفل يجلس من ساعتين إلى أربع ساعات مع الأب الطالب للرؤيا أو الأم، مشددًا على ضرورة أن تتضمن مادة الاستضافة في تعديل القانون هي ليلة في الأسبوع أثناء الدرراسة وذلك بشروط وضوابط وهي:
*أن يكون الأب ينفق على الصغير طواعيه.
*أن يكون الأب حسن السير والسلوك وغير محكوم عليه في قضايا جنائية بحكم نهائي بات كقضايا المخدرات، الأرهاب ، والسرقة ، والآداب.
*أن يكون سن الصغير يسمح بالاستضافة وقد حددها علماء النفس والاجتماع.
*يتم تغليط عقوبة لتصل إلى سنة حبس مع إيقاف التنفيذ وغرامة 50 أف جنيه في حالة احتجاز الصغير في الاستضافة وعدم إرجاعه لمن له حق الحضانة.
*يوضع الصغير الذي يكون في الاستضافة على قوائم المنع من السفر.
*أن يكون مكان الاستضافة آمن على الصغير.
*ألا تنفذ الاستضافة بالقوة الجبرية ويتم إقناع الصغير عن طريق الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين بمسألة الاستضافة حتى ينفذها برغبته.
حيث أن الاستضافة تعد “حضانة جزئية” للصغير وهذه الشروط لضمان حمايته.

توقيت الرؤية

وأضاف عبد المقصود، أن الذي لم تنطبق عليه شروط الاستضافة، يتم تغيير الرؤية بحيث تصبح 5 ساعات ويكون من حق الأب أو الأم الطالبين بالرؤية اصطحاب الجد أو الجدة أو أحد الأقارب لرؤيته، مشيرًا إلى أنه يمكن التنسيق مع القوات المسلحة والشرطة المصرية بأن تستخدم أنديتها في الرؤية وذلك التأمين القوي لهذه الأندية، آدمية هذه الأماكن، على أن تكون تذكرة الدخول تكون في متناول المواطن البسيط.

وشدد عبد المقصود على أن يكون الحضور والإنصراف في الرؤية “مميكن”، بحيث يضمن عدم التواطؤ الذي يحدث في دفاتر الرؤية بمراكز الشباب، لافتًا إلى عدم تسليم الصغير في المحكمة حفاظا على الحالة النفسية للصغير وفي حالة طالبة للشهادة يمكن انتداب عضو النيابة خارج المحمة وليكن تخصيص مكتب في مديرية الشئون الاجتماعية لاستجوابه بدلا من ذهابه للمحكمة.

سلطة القاضي التقديرية

ومن جانبه يقول النائب جمال الشريف عضو اللجنة الدستورية والتشريعية ب مجلس النواب ، يجب تعديل قانون الأحوال الشخصية الحالي، حيث أنه نوع من الأشكال التي تؤدي إلى اضطربات في المجتمع، وعليه يجب النظر أولا وأخيرًا إلى مصلحة الصغير، دون النظر للخلاف بين الأب والأم، حتى لا نقدم للمجتمع نموذج مشوة نفسيا، متفقًا مع وليد عبد المقصود في التشجيع على استضافة الصغير عند طالب الرؤيا -سواء الأب أو الأم- مع تغليظ العقوبة في حالة تقاعس من يريد الرؤيا بعدم إرجاع الصغير للحاضن.
وأشار إلى، رجوع الأمر لسلطة القاضي التقديرية في حالة زواج الأم لتحديد مصير الصغير من ناحية الرؤيا والاستضافة فيما يحافظ على مصلحة الصغير مثلما يوجد ذلك في المجتمع الغربي.

دورات تأهيلية

وشدد الدكتور وائل وفاء استشاري العلاقات الإنسانية وتنمية المهارات، على أن يكون هناك اختبارات نفسية لكلا من الزوجين المقبلين على الزواج وتكوين أسرة، فهذه هي المسئولية الإنسانية تجاه أبنائنا، مشددًا على ضرورة إجتياز دورة التأهيل للزوجين شرط أساسي لإتمام عملية الزواج على أن تكون مدتها من 3إلى 6 أشهر وتكون مرتبطة بالتطبيق العملي مما يعمل على الإقلال من معدلات الطلاق المرتفعة وضمان عدم تفكك الأسرة وضمان لحقوق الصغير.
وأضاف عند وقوع الطلاق لابد من اتخاذ مجموعة اجراءات تحدد من هو الأجدر برعاية الصغير وأن تكون كل شئ قائم بذاته، على أن يتم الاتفاق بين الأب والأم واستشاري أسري من هو الأولى والأجدر برعاية الصغير ومناقشة كيفية الرعاية، وكيفية الرؤيا بعد حدوث الطلاق بعيدًا عن النوادي ومراكز الشباب، هذا بالإضافة إلى تقسيم الأيام الأسبوع للرؤيا بين الأب والأم، لافتًا إلى أن بإنهاء الحياة الزوجية ممكن أن ينهي الحب ولكن لا ينهي الاحترام.

قانون مرن

وأوضح استشاري العلاقات الإنسانية، أننا نريد قانون مرن لا يميل لطرف تجاه طرف آخر، فالطفل يحتاج إلى وجود الأم ووجود الأب، مشددًا على ضرورة أن يقوم المشرع بتغليظ العقوبة في حالات الاعتداء على الأطفال لتصل إلى حد المؤبد والإعدام في حالة الاعتداء الجنسي المباشر.

ولفت الدكتور وائل وفاء إلى ضرورة الحرص على تنظيم دورات تأهلية أيضا للمقبلين على إنهاء العلاقة الزوجية ” الطلاق ” وذلك لمعرفة حقوق ووجبات كلا منهما خاصة بما يصب في مصلحة الصغير.

مشاحنات مرضية

وفي السياق ذاته ترى الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب ، إذا دأب الخلاف البعيد عن المودة والرحمة فحدث ولا حرج، فيجب أن لا ينسوا الفضل بينهم إعملا لقول الله تعالى:”وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”.. [البقرة : 237]، مشيرة إلى أن البيئة التي تحتضن الطفل سواء الأم والأب فيه نسيان للفضل، طالما غاب الفضل والتذكر توارى السيئ، حيث أنه يخرج أبشع ما فيه الإنسانية، إذا وجد الطفل في بيئة الأم في مشاحنات مرضية، وإذا وجد في بيئة الأب بديل للأم فالقضية تبدأ بالافتراق، وعليه يجب أن يتذكر كلا منهم توجيه الله سبحانة وتعالي بعدم نسيان الفضل والذي كان ثماره هذا الصغير فإذا نسوا لا فضل ولا تربية سوية ولا حنان ولا مودة ، الأمر الذي يؤدي إلى سماع حوادث يندى لها الجبين.

وأوضحت إلى أن القاضي لا يحكم إلا بالأوراق والقانون أعطى للأم حق الحضانة للأم ‘فإذا غابت الأمومة وما نسمعه في حالات شاذة ، كذلك لو تزوجت الأم تعود الحضانة لأم الأم ، وإذا لم تكن أم الأم موجودة فأم الأب، لافتة إلى أن هذه القوانين وضعت وراعت من هم من البشر الطبيعيين فإذا فقدوا سلوك البشرية ماذا نقول؟، فالقانون لا يدخل البيوت ولا يراقب الحالات المرضية.

اترك تعليقاً

إغلاق