صحة الرجل

للأمهات.. دليلك للتعامل مع الأطفال المصابين بتشوهات بعد الحوادث

لحياة تحمل الكثير من المفاجأت والصعاب التي تعرقل المسيرة، وأكبر محنة تختبرها الأم عند تعرض أبنائها للضرر سواء كان حادث أومرض، وما يزيد العبء هو الألم النفسي الذي يقع على الطفل ولا تستطيع الأم دفعه، فقد يتعرض لحادث يجعله مشوه أو يصيب خلقه بعيب مما يجعل الكثيرون ينفرون منه ويصبح مادة للسخرية والتنمر، فكيف تساعد الأم طفلها في تلك الحالة لكي يواجه شرور العالم ويستعيد قواه وسلامه الداخلي؟

“الكونسلتو” يستعرض في التقرير التالي دليل استرشادي للأمهات للائي تعرض أبنائهن للضرر في حادث وتشوهت ملامحهم أو تغير مظهرهم الخارجي.

دليلة.. تشوه ومشكلات دراسية وأشياء أخرى

دليلة في الخامسة من عمرها كانت تلهو مع أخيها فقام بسكب الماء المغلي من الغلاية الكهربائية فوق رأسها، أصيبت الصغيرة بحروق من الدرجة الأولى والثانية خضعت لعمليات تجميل والكثير من العلاجات الدوائية والموضعية، تغيبت دليلة على إثر ذلك الحادث عام كامل من المدرسة تذاكر في المنزل.

في العام الثاني استعدت الصغير للقاء رفيقاتها إلا أنها كانت تخجل من شكلها، شعرها الذي لازال جزء فيه لم ينبت بعد ووجها المشوه، بالرغم من مخاوفها ذهبت تبحث عن ابتسامة واحدة ترحب بها، لكنها تفاجأت بتجاهل شديد، وعبارات سخرية، حتى قالت لها رفيقة الدراسة “أنا خايفة منك متقعديش جمبي.. ممكن أحلم بيكي بليل”، انهارت دليلة وأصبحت لا تود الذهاب للمدرسة وتدهور مستواها الدراسي بعد أن كانت تحرز الدرجات النهائية.

دليلة ليست الطفلة الوحيدة التي تعرضت لحادث اليم ترك أثر عليها سيستمر معها طوال حياتها، ووفقًا لـ “منظمة إنقاذ الطفل” التابعة لهيئة الأمم المتحدة فإن 62% من الأطفال الذين تعرضوا لحادث ترك أثر ظاهري عليهم يعانون من اضطرابات نفسية شديدة قد تصل إلى الانتحار.

تقول مروة أحمد، أخصائي طب النفسي للأطفال، إن الأثر النفسي الذي تتركه الحوادث الأليمة قد يتغلب على ما يعانونه من ألم بدني خاصة إذا ترك ذلك الحادث علامة أو ندبه ظاهره في الوجه تحديدًا، أو أي إعاقة بدنية يمكن ملاحظتها، ولا يتأثر جميع الأطفال الذين يتعرضون لذلك بنفس الدرجة ولكن يختلف ذذلك وفقًا لبنيان الطفل النفسي، وللدعم الأسري والبيئة المحيطة به، وحتي يجتاز الطفل ذلك الأمر يتعين على الأم القيام ببعض الخطوات والتي تتمثل في التالي:

مصارحة الطفل

يحتاج الطفل لتقيم لحالته الصحية بشكل يتلائم مع عمره دون التعامل معه بسذاجه أو عدم نضج، أي على الأم توضيح للطفل حقيقة الأمر وطبيعة الحالة التي يمر بها ومرحلة العلاج والاستجابة له، دون الإفراط في التشاؤوم أو الأمل حتى لا يفقد الطفل مصداقيته فيها، مع الاهتمام بطمأنة الطفل أنه ليست وحده وأن الجميع يشاركه ويسانده.

بعد مرحلة المصارحة بطبيعة الحالة يحتاج الطفل إلى الكثير من الدعم، دون شعوره بالعطف، فعلي الأم تحمل نوبات الغضب الذي قد يتعرض لها الطفل بحكمة وتقبلها بل تشجيعه على البوح بمشاعره وغضبه، ثم دعمه باللمس عن طريق الأحضان، والتقرب إلى الطفل، عن طريق الحكي ومشاركته في الحديث، وترتيب له أشياء يحبها كطعام يفضله ومكان يهوى زيارته ولعبة يفضل إقتنائها. فكل أم تعرف ما يحتاجه طفلها.

نماذج من الحياة

في تلك الأثناء يحتاج الطفل أن يشعر أنه ليست وحيد، وأن هناك غيره مر بتلك المحنة، وأن الجميع يمكن أن يحدث لهم تلك الأشياء، يمكن للأم أن تقوم بتأليف بعض القصص من خيالها ويمكنها أيضًا تجربة مشاهدة فيلم مع طفلها عن بطل تعرض لحادث أليم أصابه بتشوه أو عجز وكيف واجه الحياة، بشرط أن يكون منتصر في النهاية، ويمكنها أيضًا زيارة شخص خضع لتجربة مشابهة وترك الطفل ليحكي معه، ويمكن الاستعانة بمجموعات المساندة النفسية التي تعتمد على المشاركة بنفس التجارب.

تلك الخطوة تشعر الطفل بالإطمئنان وأنه ليست الوحيد في الحياة الذي يحدث له ذلك، وستجاوب له تلك التجربة على السؤال الشائع لماذا حدث هذا لي ؟

مرحلة الدفاع

بعد أن تقوم الأم بإعداد طفلها النفسي، سيخرج للعالم وقد يصبح مادة خصبة للتنمر والسخرية، في تلك الحالة، على الأم أن تدافع عن طفلها بكل ما أوتت من قوة وأن تشعره أنها جيشه الوحيد، وتقف أمام أي شخص يؤذي طفلها ولو بكلمة صغيرة ولكن بالحكمة والعقل، يساعد ذلك الطفل ويزيد من ثقته بنفسه وبأمه ويشعره بالأمان ويكتسب صفة الدفاع عن النفس.

ويجب على الأم تعليمه أن يدافع هو الآخر عن نفسه، وأن شكله وما حدث له لم يكن بخياره وأن ذلك لم ينقصه شيء بل يميزه عن غيره، وألا يخاف من تعليقات من حوله ويرد عليهم، ويمكنها تعزيز ذلك بتعليمه أي أنواع من الرياضة ليست للعنف ولكن لزيادة النفس واكتساب مهارة جديدة.

تحديد هدف

غالبًا لا يعرف الصغار تحديد أهدافهم في الحياة نظرًا للطبيعة البدنية والنفسية المتغيرة التي يمرون بها عبر مراحل النمو، وإذا مر الطفل بحادث أليم وأثر على شكله الخارجي وثقته بننفسه يزيد ذلك من عدم معرفته بجدوى الحياة، لذلك على الأم البحث الغائر في نفس الطفل عن الأشياء التي يفضلها والتي يعرفها والتي يجيد صنعها وتعليمه أكثر من شيئ حتى يستطيع المفاضلة والاختيار بين الأفضل له حتي يجتاز ما حدث له ويحدد أولوياته في الحياة ويرسم مستقبله.

الطبيب النفسي

الطبيب النفسي مرحلة لا غنى عنها في تلك الحالة لأن الطفل والأم أيضًا واقع عليهم ضرر، لذلك على الأم المتابعة مع أخصائي نفسي والتردد على جلسات دعم متخصصة أو غير متحخصة لمساعدتها على تجاوز الأزمة ولإمدادها بالقوة والصلابة لتحمل تبعاتها، وكذلك يحتاج الطفل للتدخل النفسي حتي يقيم طبيب مختص حالته ويتابع التطورات التي قد تحدث له خاصة مع بداية دخوله في سن المراهقة.

الكونسلتو

اترك تعليقاً

إغلاق