يواجه الآباء والأمهات في كل مرحلة من مراحل نمو أطفالهم أوقات يكون الطفل فيها ثائرًا أو عنيدًا أو عصبيا ، ولعل الأمر الأكثر صعوبة هي حالة التمرد والتي تبلغ ذروتها في مرحلة المراهقة، لذلك عند مواجهة أي مشكلة على الآباء- بداية- الأخذ في الحسبان أن الطفل شخص مستقل ويختلف عن الآخرين في مشاعره وأفكاره وردود أفعاله.. والتي ربما لا تتوافق بشكل دائم مع أفكار ومشاعر والديه، من هنا يجد الآباء صعوبة في كيفية التعامل مع الطفل المتمرد وطرق مساعدته على تخطيها..معنا خبيرة التربية الدكتورة آمال عبد الفتاح الأستاذة بكلية التربية
أولا..تعديل سلوك الآباء
يجب أن يضع الأبوان في اعتبارهما عمر الطفل فربما يكون التعامل مع طفل متمرد أمرًا صعبًا بعامة، ولكن عليهما تعديل أسلوبهما
يمكن جعل المحادثات مع الأطفال الأصغر سنًا حول السلوك المتمرد أقصر ؛ بمعنى ..التوجيه بمفردات بسيطة يفهمها الصغار.
عبارات محايدة بسيطة مثلًا أن تقول له: “أتفهم أنك تشعر بضيق، لكننا لا نرمي ألعابنا لمجرد أنه لا يمكننا الحصول على حجر بطارية جديد”
التحكم في العواطف
وهذا أمر صعب بشكل خاص ؛ لأن الوالدين لديهما مصلحة ملحة في كبح تصرفات طفلهما المتمردة
لكن الانفعالات العاطفية الحادة أمام سلوك الطفل تضع شكل سلبي لأي تفاعلات من جانبهما
ويجعل من الصعب على أي منهما الوصول إلى السبب الجذري لحالة التمرد
لا للتسلط وفرض السيطرة
لا يجب أن يتعامل الآباء مع الأبوة والأمومة على أنها ديكتاتورية، حيث أنه من الطبيعي أن يحصل الأطفال الصغار على خيار أو خيارين كل يوم
توصل الباحثون إلى أن الأطفال الذين تمت تربيتهم من قبل آباء ديمقراطيين كانوا أكثر كفاءةً وتكيفًا مع المراهقين
وينصح بمنح مزيد من الحرية للطفل طالما أنه لا يسعى إلى استغلالها في فعل شيء خطير
وبالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، فيمكن أن تكون الخيارات المشروطة هي التي تتناسب وأعمارهم وسلوكيات مرحلتهم الشبابية
لتكن الحدود واضحة
من الحقائق المعروفة أن الأطفال غالبًا ما يكونون متمردين لأنهم يريدون اختبار حدود والديهم لمعرفة المدى الذي يمكنهم الذهاب إليه قبل مواجهة العواقب
لذلك يجب على الآباء أن يسارعوا بوضع المبادئ التوجيهية والإصرار على الالتزام بها، وإذا كان هناك مبادئ وأوامر صارمة بالفعل فينبغي التفكير في تخفيفها تدريجيًا
الأخطاء واردة وكذلك العقاب!
مع وضع قواعد إلزامية لابد أن يكون هناك عقاب ما عند مخالفتها ..لكن في حدود منطقية ومعقولة
ولابد أن يدرك الوالدان أنه لا يوجد إنسان مثالي وربما يقع الطفل في بعض الأخطاء أو الزلات
لابد من تذكر كل الجوانب الإيجابية للطفل، وعدم التركيز على الجانب السلبي فحسب
لماذا يتمرد الطفل؟
الغالب أنه يظهر بشكل ونسب مختلفة في الأطفال من جميع الأعمار، ولكن السلوك المتمرد عادة ما يكون له بعض الأسباب الجذرية الشائعة
1-متاعب فسيولوجية
يصبح الطفل، في سن ما قبل المدرسة، غاضبًا للغاية ويتمرد عندما يفوت قيلولة أو يمضي وقتًا طويلاً دون تناول وجبة خفيفة.
قبل إعلان الثورة بوجه الطفل أو معاقبته يمكن التأكد من أنه حصل على قسط من الراحة وتناول وجبة مشبعة
2-أحداث في حياة الطفل
مثل تعرض طفل لمشهد مشادة زوجية بين الأبوين أو عنف جسدي أو حتى التنمر
وفي الحالات الأسوأ تعرض الطفل للاعتداء الجنسي، حيث يتحول الطفل “حسن الأخلاق” في السابق إلى طفل متمرد بشكل مفاجئ وملحوظ
3-أعطه فرصة الإختيار
هناك الكثير مما يمكن أن يكون سببًا لحالة التمرد ؛ مثل عدم حرية الطفل في اختيار ملابسهم التي يرتدونها أو ماذا يأكلون وحتى ما يمكنهم مشاهدته!
إن إعطاء الأطفال الأصغر سنًا فرصة الإختيار، مثل المفاضلة بين طاقمي ثياب أو وجبات خفيفة والسماح لهم بالاختيار فيما بينهم، يمكن أن يمنحهم إحساسًا بالحرية والسيطرة
4-أنا مستقل
يمر الطفل عادة بمرحلة تمرد الغرض منها تأكيد الاستقلال في أي فئة عمرية، ولكن غالبًا ما يعاني منه آباء المراهقين، بشكل أكثر شيوعًا
إذ يريد الطفل إثبات أنه لم يعد طفلا بعد الآن وربما يظهر هذا السلوك في رفض القيام بالأنشطة، التي اعتاد أن يحبها أو اللعب مع الأصدقاء المفضلين له من قبل
وبالنسبة للأطفال الأكبر سنًا الذين هم في سن الاستقلال بالفعل، فإن السماح أحيانًا لبعض تصرفاتهم الاستقلالية بالظهور، تحت رقابة وسيطرة الوالدين، أن يكون بمثابة معلم أفضل
أفضل طرق التعامل مع الطفل المتمرد
يجب على الآباء محاولة التفاوض مع أطفالهم، ومناقشتهم فيما يريدونه، وسماعهم وفهمهم، إلى جانب منحهم بعضاً من الحريّة للتعبير عن أنفسهم
وقد يساعدهم في ذلك طرح بعض الأسئلة ، مثل: “ما الذي يجري؟”، أو “كيف يُمكن أن أساعدك؟”هذا الأسلوب يُشعر الطفل بأنّه قادرٌ على التعبيرِ عن احتياجاتِه
يحتاج الطفل إلى تلقّي المدح والثناء عند القيام بتصرّف جيد، إذ يُساعده ذلك على الشعور بالأمان، والاتّزان، كما يحقّق في نفسه السعادة
وفي المقابل عند قيام الطفل بأمر سيء فحينها يتوجّب على والديه تأديبه، ومنحه الاحترام والتقدير لقراراته واختياراته الخاصّة وتقبّلها
ولهذا يُنصح الأهل أن يستمعوا لآراء أبنائهم وفهم ما يريدون، ومحاولة نقاشهم بهدوء لإقناعهم، والتعاون معهم، وتقديم التعاطف والمودّة والحبّ لهم
ولابد من عدم تجاهل مشاعرهم وأفكارهم، وزرع الثقة في نفوسهم، دون محاولة إجبارهم، فالأطفال يحبّون أن تحظى آراؤهم وخياراتهم بالاهتمام من قبل الآباء
إعادة توجيه انتباه الطفل قد يرى الآباء اتّجاه طفلهم نحو سلوك غير مرغوب فيه، وعندها فعليهم تشتيت انتباهه عن ذلك السلوك عن طريق مناداته وسؤاله إذا ما أراد اللّعب بلعبة معيّنة
اشركي طفلك في عمل ما
يُمكن أن يكون تمرد الطفل ورفضه لتنفيذ طلبات والديه ناتجاً عن عدم قُدرته على إتمام المهام والواجبات المُراد منه فعلها، وفي هذه الحالة يجب تقسيم المهمّة إلى أجزاءٍ أصغر بهدف إتمامها على عدّة مراحل
قد تكون محاولة مشاركة الطفل في العمل بدلاً من توجيه الأوامر له وسيلة ناجحة لتجنّب عناده، إذ يتحسّس كثير من الأطفال من تلقّي الأوامر من الآخرين
التعامل مع الطفل العنيد، والمبادرة لمشاركته في العمل المطلوب منه، إذ سيدفعه ذلك للقيام بما عليه فعله دون شعوره بأنّه يُنفّذ الأوامر
وهل يعلم الآباء أن وجود روتين في حياة الطفل يحسن من سلوكه وأدائه الدراسي، إذ يصبح بإمكانه توقّع مجرى الأمور والأحداث في يومه دون اضطراب
يجب على الوالدين أحياناً اللّجوء إلى الحزم وإتباع أسلوب التحذير مع طفلهم، فعند قيام الطفل بتصرّفات خاطئة فإنّه يجب على الآباء إنذاره للتوقّف عن ذلك وإلّا فإنّه سيتعرّض للعقاب
لا يجب على الآباء التعامل مع تمرد الأطفال على أنّها مشكلة، ففي كثير من الأحيان يكون التمرد مفيداً للأطفال في حياتهم
قد يمنحهم العناد الإصرار في البحث عن حلّ لمشكلة رياضيات تواجههم، كما يجعلهم ملتزمين بقناعاتهم الخاصّة التي تجنّبهم بعض السلوكيات المنحرفة مستقبلاً.